edf40wrjww2article:art_body fiogf49gjkf0d (مستقبل السودان بعد الاستفتاء )[1]
كما يصعب التنبؤ بالمستقبل فى السودان , ولكن بإعتماد سلسلة من السيناريوهات يمكن الإعداد لذلك , ولهذه السناريوهات مزايا عديدة , فإذا أخذنا بالإتجاه المعياري , فإن التفكير فى المحفزات والميول التي تؤدي الى سيناريو غير مرغوب فيه – مثل إستئناف الحرب يمكن أن ينتج عنه وضع تدابير لمنع ذلك من الحدوث . يمكنإستخدام السيناريو كأداة تخطيط إستراتيجي , بحيث تتطور السياسات حتي يكون بمقدور كلالأشخاص المعنيين الإستعداد لكافة الإحتمالات بحلول عام 2012 , وفى الوقت الراهنيتجة غالب الإهتمام الي مسألة قيام الإنتخابات والإستفتاء , وقد لا يتحقق أي منهما(1)
ليس الغرض من هذه السيناريوهات أن تكون دراسة شاملة لكافة إحتمالاتالمستقبل وإنما إعمال التفكير في شريحة واسعة من النتائج المحتملة وليس بالضرورةحدوث ما تشرحه هذه السيناريوهات ولكن عناصرها تظل جزءا محتملا من أحداث المستقبل.
سيناريوهات التسوية :-
يمكن التمييز بين نوعيين من السيناريوهات المحتملة للتعامل مع المشكلة السودانية (2)
النوع الاول : وهو سيناريوهات الصراع التى تعبر عن توزان القوى فى غمار الحرب
النوع الثانى :وهو سيناريوهات التسوية القائمة على الاجماع الوطنى الرضائى
نوضح هنا اربعة سيناريوهات لمستقبل السودان منخلال أدوات قياس معضلتين رئيسيتين هما :
1-هل سيكون السودان موحدا بحلولالعام 2012 أم سينفصل الجنوب عن الشمال ؟ -2 هل ستكون هنالك حرب بين الشمالوالجنوب بحلول العام 2012 أم لا ؟
تندرج تحت هذه السيناريوهاتحزمة من الاسئلة · ماذاسيحدث بشأن إتهام المحكمة الجنائية الدولية للرئيس عمر حسن أحمد البشير ؟ هل سيتمالإطاحة به ؟ هل سيتم القبض عليه ؟ .
أولا السيناريوهات الداخلية :-
السيناريو الاول : (1)
العودة للحرب الأخيرة ( الحرب ـ الوحدة [2]
تاريخ السودان القادم 2009 ــ 2012 بدأت علاقات حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان تشهد تدهورافريدا فى 2009 حول نتائج التعداد وحكم المحكمة الخاصة بالتحكيم بشأن أبيي وقدإستبعد سلفاكير ميارديت رئيس حكومة الجنوب العودة للحرب ولكنه حذر من أن البعضيسعون الى زوال إتفاقية السلام الشامل وقد صرح مرارا بأن الجنوب مستعد للحرب . وفي ذات الوقت بدأت النزاعات القبلية فى الجنوب تتوسع شيئا فشيئا , وطبقا للحركةالشعبية فإن هذا التوسع تم بتحريض من الشمال . وفضلا عن هذا الوضع غير الآمن , فإنالإستثمار الخارجي قد تراجع بسبب الفساد المفرط والإفتقار الى سيادة القانون تجزأت الحركة الشعبية داخليا بِشأن التجاوب مع مسألة أبيي والمنا طقالمتنازع عليها الأخري وإستراتيجية الإنتخابات , بين الإنفصاليين والوحدويين , وقدحرص سلفاكير على وحدة الحزب دون أن يعلن خياره بشأن الوحدة أو الانفصال ملحوظة : بتاريخ 31/10/2009 حث سلفاكير الجنوبيين على التصويت لصالحالإنفصال فى الإستفتاء القادم فى 2011 وقد بذلت الحركة الشعبية جهدا لكيتوضح للرأي العام أن التنمية الإقتصادية لا يمكن أن تحدث بين عشية وضحاها , ويريكثيرون أن حكومة الحركة الشعبية عاجزة وفاسدة وإنها سوف لن تتمكن فى المستقبل منتوفير الخدمات للجمهور . لقد أصبحت الحركة الشعبية غير منظمة بصورة متزايدة
سيفوز المؤتمر الوطني بالإنتخابات فى الشمال , أما فى الجنوب فإنالإنقسامات التي تعاني منها الحركة الشعبية لن تجعلها تفوز بالأغلبية الساحقة التيتتوقعها , فالأحزاب التي تفضل إستقلال الجنوب إكتسبت أرضية , وهذا ما سوف يؤدي الىمزيد من التدهور فى علاقات الشمال والجنوب والتهديد بالعودة للحرب , وإستمرارالتنازع بشأن تعيين الحدود بين الشمال والجنوب . تدعي المليشيات الجنوبية في مايو 2010 أيلولة حقل هجليج الى منطقة أبيي وبالتالي فهو جزء من إقليم الجنوب وستبقي هذهالمليشيات فيه للأبد فحيدث صدام ببينها وبين قوات الجيش السوداني المتواجدة بالجوار . تقوم الحركة الشعبية بمساندة هذه المليشيات فى ذلك الصدام الذي بدأ صغيرا , وتعبرالأراضي التي يعتبر الشمال إنها تابعة إليه , فتتدخل وحدات الجيش السوداني البعيدةفى النزاع بإعتباره مخالفة لنص إتفاقية السلام الشامل وتحكيم أبيي . وفى خلال أقلمن إسبوعين يتدهور الوضع في أبيي ويأخذ شكل مواجهات مفتوحة بين الجانبيين مما يؤديالى تصعيد الصراع السياسي والقبلي فى الجنوب ويجبر سالفاكير على بإعتباره ضعيفا ولا يقوي على التصريح بتفضيله الإستقلال , تستولي مقاليد السلطة فى الحركة جماعةتؤيد إستقلال الجنوب الفوري , حيث تدعي القيادة الجديدة زوال إتفاقية السلام الشاملوتعلن إستقلال الجنوب من جانب واحد , حيث أن الشمال – طبقا لدعواهم – لا يوثق بهولن يقبل بإنفصال الجنوب سلميا , تتم مهاجمة كل قوات عملية ( المربع الأول ) الممثلة للجيش السوداني والقوات المشتركة حتي تجبر على المقاومة بالإضافة الىمحاولة الحركة الشعبية تحسين أوضاعها قى المناطق المتنازع عليها على أساس أنالجنوبيين يعرفون أين تقع حدود أراضيهم وسيأخذون أراضيهم
تفشل إستراتيجية عملية (المربع الأول ) فيما هو مخطط له حيث تواجه الحركة الشعبية مقاومةشرسة من الشمال وتصبح القوات الشمالية المنضوية تحت القوات المشتركة جزءا من القواتالمسلحة الأخري فى الجنوب و لا يجد القرار الجنوبي دعما فى المحافل الدولية ما عدادعم الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعم الحركة الشعبية ولكنها لا تؤيد إستخدامالعنف , وبالرغم من أن الإتفاقية تعطي الحق للجنوب فى تقرير مصيره الإ أنه فى الوقتالراهن لا يمكن إجراء الإستفتاء الصحيح , وتري واشنطن أن الخرطوم فقدت الحق فىالتدخل فى الشئون الداخلية للجنوب من ناحية أخري تدعي الخرطوم أنه نظرالعدم إمكانية إجراء إستفتاء بشكل صحيح فإن الجنوب لا يمكنه الإنفصال , وينقسم مجلسالأمن بشأن الموضوع , فروسيا والصين تريان أن إنفصال الجنوب من جانب واحد إجراء غيرقانوني وتدعوان الى حظر مبيعات السلاح للجنوب . فرنسا بدورها تعارض ولكن بريطانياترغب فى أن تحذو حذو الولايات المتحدة . بالإجماع يأسف الإتحاد الأفريقي للإجراءاتالجنوبية لمخالفتها للقانون الدولي وميثاق الإتحاد الإفريقي ولن تعترف أي من دولهبالدولة الجديدة أما مصر فستعارض بشدة إستقلال جنوب السودان حيث تري فيه معضلةمحتملة لتدفق نهر النيل . وحتي كينيا ويوغندا سوف لن تؤيدان جوبا , ويضاف الى الى هذا فإن بعض السياسيين الجنوبيين يحملون السلاح فى وجه جوبا , حيث لديهم الكثير مماسوف يخسرونه فى الخرطوم .
السودان فى هذا السناريو عام 2012([3])
تكونالحرب بين الشمال والجنوب فى عام 2012 مشابهة للحرب السابقة ومختلفة عنها فى نفسالوقت , فالقوات المسلحة السودانية ليس لديها مواقع حصينة فى الجنوب هذه المرة ولكنتحارب بعض المليشيات بالوكالة عنها كما كان الحال فى السابق . يحاول المؤتمر الوطنيالإستفادة من عدم توحد الحركة الشعبية لتفعيل سياسة ( فرق تسد ) , فالقوات المسلحةالسودانية لديها صلات قوية مع المليشيات التي التى كانت جزءا من القوات المشتركة, فضلا عن دعمها لما كان يسمي (القوات المسلحة الأخري ) والقوات المرتدة عن الحركةالشعبية . تسيطر هذه المجموعات على أراضي داخل إقليم الجنوب وتتلقي مساعدات مساعداتجوية كما يتم تموينها عبر الحدود ومن خلال مطارات محلية و تكون هذه المواقع مرتعاخصبا لنزاع . كذلك يقوم الطيران الشمالي بقصف جوبا مرة تلو الأخري , تنهارالحركة الشعبية ويرجع حجمها الى ما قبل إتفاقية السلام الشامل وتنفصل عنها بعضالجماعات , وبالرغم من ذلك تكون بعض وحدات الحركة الشعبية التي تلقت مؤخرا تسليحاوإعدادا حديثا قادرة على القيام ببعض الهجمات . بجانب ذلك تقوم الخرطوم بمساندة جيشالرب لترويع الإستوائية بينما تقوم الحركة بإجراءات مماثلة فى الشمال من خلال دعممتمردي دارفور والحركات فى الشمال الأقصي وفى الشرق وفى الشمال تبقي حكومةحزب المؤتمر الوطني قوية فى الخرطوم ويتم تجريد القوة المكونة من ال 1500 جندي منالحركة الشعبية من الفرقة الرابعة بالخرطوم , من أسلحتها عن طريع العنف الذي سيعرفبما يسمي (مذبحة الخرطوم ) . تستأنف النزاعات فى الشمال الأقصي وفى الشرق وتقمعالخرطوم كل حركات التملل فى المجتمع والصراعات فى المناطق المهمشة تتصاعدالحرب فى دارفور ويزداد التوتر مع تشاد ويكون من المحتمل تجديد حركة العدلوالمساواة هجومها على الخرطوم بينما تحاول الحركة الشعبية التنسيق معها لحصارالخرطوم فى وقت واحد فيما يتعلق بالحريات المدنية وحقوق الإنسان فإنالوضع سوف يتراجع فى الشمال والجنوب . وتنخفض الحرية الصحفية نتيجة للرقابة المشددةويتأثر الإقتصاد سلبا وكذلك الخدمات مثل التعليم والصحة لأن الموارد كلها تحصصللحرب . أما الجنوب فسوف يعاني بسبب ضعف الشعور القومي وصراعات القوي التي تصاحبالنزاعات القبيلة . كثير من الجنوبيين سيلومون الشمال بسبب التنافر قيما بينهم وأنالشمال يرشو الجنوبيين لمساندته . تتفكك حكومة الجنوب وتتراجع الى حجمالحركة الشعبية ولا يجد الجنوبيين من يعبر عنهم وتنتهي عملية إحلال اليمقراطية , وتسود حالة من عدم الأمن وغياب القانون وذلك يمهد لقيام العصابات وعمليات سرقالماشية . يسوء الوضع الغذائي بينما يتدفق البترول الإ عند قيام الحركة الشعبيةببعض الهجمات . معظم حقول النفط تحت سيطرة القوات الشمالية وتذهب معظم العائدات اليالخرطوم فيتفاقم الوضع الإقتصادي للجنوب ويزداد الوضع سوءا بالنسبة لإنعدام الأمنوالحالات الإنسانية فيتدفق اللاجئون صوب أوغندا وكيينا
مقترحات وخيارات سياسية للمجتمع الدولي فى سيناريو 2012
لايسمح الوضع غير المستقر فى الجنوببالإستفادة من المساعدات التنموية فى الإقليم و لا يستطيع المجتمع الدولي سوي إبداءإستجابة ضعيفة ومحاولة إعادة صياغة عملية سياسية وتقديم الإغاثة الإنسانية . إنأفضل ما يمكن عمله هو إدارة الصراع و منع تدهوره وذلك من خلال الخيارات السياسيةالتالية : ([4])
· تدريب القيادة بكيفية تقوية وتعزيز عملية إتخاذ القرار . · إدارة النزاعات وفض النزاعات بين مختلف القبائل الجنوبية والحث على وحدة الجنوبيين. · الوساطة بين الشمال والجنوب .
· إنشاء جهاز للشئون الإنسانية يضم الشمالوالجنوب .
· توفير المساعدات الإنسانية بما يقابل الإحياجات الأساسية وتشملالغذاء والدواء والمأوي . · توفير حفظ سلام محدود لحماية المدنيين والمساعداتالإنسانية بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة .
· دعم المجتمع المدنيلتعزيز الوحدة فى جنوب السودان .
· دعم منظمات المجتمع المدني والمعارضةالسياسية لتأكيد الحكم الرشيد فى الشمال والجنوب
السيناريو الثانى
حروب حدودية ( حرب ______انفصال ) ([5])
مستقبل السودان فى الأعوام 2009- 2012
قبل الإستفتاء فى 2011 سيكون السودان ساخطا بشكل متزايدوسيتهم السياسيون الجنوبيون حزب المؤتمر الوطني بعدم تطبيق إتفاقية السلام الشاملوسيتم إعادة التفاوض بشأن نتائج التعداد السكاني ولكن كثير من الجنوبيين سيعتقدونأن الأرقام غير صحيحية وسيحاول الجنوب التهديد مرارا وتكرارا بالإنفصال و إذا لزمالأمر بالقوة وبدون إستفتاء وستكون النتيجة تنامي عدم الثقة بين النخب والجماهيرالشمالية والجنوبية وستكون الحملة الإنتخابية صعبة وتحمل الإتهامات من الجانبين.
وستؤدي الأحاديث الملتهبة الى إستقطاب وسيوجه الجنوبيين قواتهم العسكرية الىالعدو المشترك وستدفع المشلات القبلية وصراعات القوي الى مزيد من التوتر وفىالنهاية يفوز المؤتمر الوطني بالإنتخابات بينما تحاول الحركة الشعبية تحقيق أغلبيةفى الجنوب ولن تفاجئها نتائج الإسنتفتاء , فقد إختارت الإنفصال .
صوت السكانالمحليون فى إستفتاء أبيي ليكونوا جزءا من الجنوب وتخوفا من أن تحذو مناطق أخري نفس الحزو بعد إستقلال الجنوب , فإن المؤتمر الوطني لن يرغب فى ترك الحركة الشعبيةتستقل بالجنوب , لأنه لن يرغب فى ترك 90% من عائدات البترول التى تذهب للخرطوم .
يعني الإستقطاب بين الشمال والجنوب أن الطرفين لم يناقشا المسائل الهامةوأن الطرفين لم يصلا الى إتفاق بشأن المستقبل بعد الإستفتاء .
إن وضعالحدود الخاصة بأبيي والمناطق المتنازع عليها فى النيل الأزرق وجبال النوبة وجنوبكردفان لم يتفق للتوصل لحل بشأنها . وإن وضع المواطنة وحق التملك للشماليين فىالجنوب لم يتم تناوله بشكل صائب , وكذا الحال بالنسبة للدين المحلي وملكية المنظماتالحكومية والشركات فهي غير واضحة
بعد شهر من الإستفتاء , يعلن الجنوبالإنفصال وتعبر القوات المسلحة السودانية التي سبق وأن تمركزت على الحدود , خطوطوقف إطلاق النار نحو الإقليم الجنوبي بدعوي حماية القبائل الشمالية التي تعيش هناكوالتي صوتت لصالح الوحدة ولكنها تواجه بفصائل من الحركة الشعبية مدربة ومعدة إعداداجيدا وتحدث معارك عسكربة لا تتمكن مها القوات الشمالية من التوسع أكثر داخل الجنوب .
السودان فى سيناريو 2012([6]).:-
يتبدل الخط الفاصل بين القوات المسلحةالسودانية وقوات الجيش الشعبي لتحرير السودان وفقا لحدود لآبار البترول الغنيةوبالرغم من حسن تدريب وإعداد جيش الشمال الإ أن الجيش الجنوبي لديه الدافع إذ أنهميدافعون عن وطنهم بينما مساندة الشمال للحرب ضعيفة اذ يخشي المقاتلين أن يعودواجثثا من الجنوب . وهتالك حزام من المناطق الحدودية الملتهبة التي تدور فيها الحربفى أبيي وجبال النوبة وجنوب كردفان والنيل الأزرق .
يدور القتال بشكل مباشرفى أبيي وتشترك فيه الدبابات وخارج ابيي يجري قتال بين المليشيات , حيث تستخدمالخرطوم قبائل المسيرية لقتال قبائل تعتبرها عصابات مثل النوبة بالرغم من أنهم خارجنطاق الجنوب المستقل حديثا ولكنهم لم يعودوا راغبيين قى أن يكونوا جزءا مما تبقي منالسودان , وفي أبيي تقاتل قبائل المسيرية الدينا نجوك ويشارك المتشددون الإسلاميونفى القتال مع القوات الشمالية لأنهم يرون ضرورة أن يبقي السودان دولة إسلامية موحدةوبالتالي تتم أسلمة النزاع . بالرغم من أن الشمال يبدو فى وضع أفضل عسكريا ولكنالولايات المتحدة تساعد الجنوب وكذلك الإتحاد الإتحاد الأوربي , كما تؤيد أوغنداوكينيا وأثيوبيا الإنفصال أذا جاء مطابقا لما ورد فى إتفاق السلام الشامل وحتي مصرتعترف بحق الجنوب فى الإستقلال .
فى الشمال يسيطر حزب المؤتمر الوطني علىالحكم بقوة بالرغم من أنه لا يزال منقسما , ولكن الصقور هم الذين يتولون مقاليدالأمور فى الوقت الذي تتراجع فيه الحريات المدنية التي إكتسبت بموجب إتفاقية السلامالشامل , وهم يؤمنون بأن الشمال لا ينبغي أن يمنح أي جزء من أجزاء البلاد إمكانيةالإستقلال حتي لا تكون سابقة , والموافقة على منح الجنوب إستقلاله قد يؤدي الىإختيار دارفور نفس المصير . تتسع الحرب فى دارفور نتيجة لهذه الأوضاع , وبالرغم منإزدياد التوتر فى الشمال الأقصي والشرق ولكن قوات الأمن ما تزال قادرة علي السيطرة . يمارس القوميون فى الخرطوم التعامل بقسوة مع الجنوبيين المتواجدين فى الخرطوم ةيسقط العديد من الضحايا . تصبح أطراف الخرطوم التي يسكنها الجنوبيون (غيتوهات) لايستطيعون مغادرتها لأن المليشيات وقطاع الطرق يسدون طرق العبور . وكل الحماية التيتتوفر للجنوبيين هي من أفراد الحركة الشعبية فى حامية الخرطوم . يحاول كثير منالجنوبيين الفرار وآخرون لا يتمكنون من ذلك لأنهم محاصرون , ويعلن الجنوب نفسهكإتحاد فيدرالي ديمقراطي متعدد الأحزاب ومستقر نسبيا . يقوم الجنوب بإصدار العملةالخاصة به وهي (الشلن) وتصبح الإنجليزية اللغة الرسمية للدولة . جوبا آمنة نسبياسوي بعض الهجمات الجوية من حين لآخر . بالرغم من ذلك , هنالك كثير من المعوقات التيتعترض الدولة الوليدة , فهنالك معدلات عالية من إنعدام الأمن , ليس فى المناطقالحدودية فحسب , بل يتعداها , وذلك بسبب أن الحكومة الجديدة توحه كل طاقاتها للحربمما يضعف من قدرتها علي تطبيق القانون فينشأ العنف المجتمعي والعصابات وسرقاتالماشية دون أن تجد العقاب , ومثله مثل الشمال , فإن إقتصاد الجنوب يتأثر سلبابالحرب خاصة وأنها تقع فى مناطق حقول البترول الحدودية , وبتوقف إنتاج البتروليتدهور تدفق عائدات الدولتين . بالرغم من هذا الوضع الإقتصادي المتدهور هنالك رغبةمن مستثمرين لديهم الرغبة فى الإستثمار فى الجنوب ولكنهم يبعدون نسبة لمعدلاتالفساد العالية
ليس من المحتمل أن يستمر هذا السناريو طويلا إذا قاومتالحركة الشعبية القوات الشمالية وعندها إما أن يتطور الوضع الى حالة (الحذر مما هومرغوب فيه – صومال أخرى ؟ ) أو حالة (العودة الى الحرب).
مقترحات وخيارات سياسية للمجتمع الدولي فى هذا السيناريو للعام 2012([7]).
يسمح الإستقرار النسبيقصير المدي بتحقيق مساعدات تنموية وبناء قدرات , وفى نفس الوقت هنالك حوجه للإغاثةالإنسانية سواء فى المناطق الحدودية أو بعض الأجزاء فى الشمال . وقد يسعي المجتمعالدولي لحل النزاع وتكون الخيارات السياسية على النحو التالي
*· توفير التدريبلقيادة للتأكد من عملية إتخاذ القرار بصورة مناسبة و مدروسة . ·* توفيرالمساعدات التنموية للمناطق اآمنة و دعم التعليم والرعاية الصحية وإعادة تأهيلالبنيات التحتية وتحسين إمدادات المياه وإنتاج الغذاء.
*· دعم عودة اللأجئينوإعادة توطين النازحين فى الداخل و إدماجهم فى المجتمعات المحلية و إعادة تأهيلالمناطق التي يرغبون فى العودة إليها .
·* توفير المساعدات الإنسانية لمقابلةلمقابلة الإحتياجات الأساسية من غذاء و دواء و مأوي.
*· دعم مراقبة الإنتخاباتفى المستقبل .
*· توفير قوات حفظ سلام لحماية المدنيين خاصة فى المناطق الحدوديةخلف خطوط المواجهة والمساعدات الإنسانية طبقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة . *· إنشاء جهاز للشئون الإنسانية من الشمال و الجنوب .
· الوساطة بينالشمال والجنوب .
*· تقوية أجهزة الحكم فى الجنوب لتعزيز قدرة حكومة الجنوب علىتقديم الخدمات للجمهور .
·* دعم منظمات المجتمع المدني لتعزيز الوحدة بالجنوب .
·* دعم منظمات المجتمع المدني والمعارضة السياسيةلتأكيد الحكم الراشد فى الشمالوالجنوب .
السيناريو الثالث:-
القبول بإتفاقية السلام الشامل ( لا حرب ــــ الوحدة ) ([8])
مستقبل السودان 2009-2012
يصبح المجتمع الدولي أكثر فاعلية خلال النصف الثاني من 2009 وذلك لإدراكه أهمية تطبيق إتفاقية السلام الشامل وفى محاولة لوضع الإتفاقية فىإطارها الصحيح فإن الولايات المتحدة والأمم المتحدة وبعض الدول الأعضاء فى مفوضيةالتقييم ودول الإيغاد يبدأون عملية وساطة , وإذا نظرنا الى الوراء فإن هذه العمليةقد بدأتمنذ إجتماع واشنطن فى نهاية يونيو 2009 التي إنخرط بعدها سكوت قرايشنكوسيط وبضغوط مشتركة دولية وإقليمية – مصر – أوغندا – كينيا على الأطراف السودانيةللإلتزام بالإتفاقية فإن هذا يولد زخما لعملية السلام سيسفر عن برتكول نيروبي فىديسمبر 2009 الذي سينشأ عنه إعادة جدولة عدد من التواريخ الهامة ووضع إجراءات لبناءالثقة كما يحتوي البروتوكول على حزمة من الإجراءات الرامية لتسريح إعداد كبيرة منجنود الجيش الشعبي لتحرير السودان وتدريب وإعداد المتبقي منهم لتكوين جيشا محترفايمكن أن يتكامل مستقبلا مع القوات المسلحة السودانية فى الشمال مع وضع إتفاقياتلعدم تسييس الجيش الشعبي والقوات المسلحة.
بعد توقيع بوتوكول نيروبي سيقررمجلس الأمن تأجيل مثول البشير أمام المحكة الجنائية الدولية وسوف يركز البروتوكولعلى قيام إنتخابات حرة ونزيهة بجانب أن الأمم المتحدة ستتولي المهمة الكبري بمراقبةالإنتخابات والتأكد من إنها تتم بحرية ونزاهة . وفاءا لروح الراحل د. جون قرنق تقررالحركة الشعبية التعاون مع المعارضة الشمالية ويبدأ بتجميع القوي فى إطار ما يسمي(بمشروع جوبا ) حيث تتحالف مع 17 حزب صغير من أحزاب المعارضة الشمالية , وعتدماتدرك أحزاب الأمة و الإتحادي الديمقراطي دعم قطاع عريض من الشعب السوداني لهذاالتجمع تنضم أليه فى إطار ما يسمي (تحالف قوس قزح) . يكون هذا التحالف غير مستقر فىالبداية ويحيط به عدم التفاهم ولكن بمرور الوقت يبقي موحدا , وبالرغم من الصعوباتاللوجستية والأمنية فإن الإنتخابات تكون ناجحة جدا ويكون عدد الناخبين المسجلينأكبر من المتوقع وتصل النسبة الى 98% وفي تصريح مشترك للإمين العام للأمين العامللأمم المتحدة بان كي مون والرئيس الأمريكي أوباما يعتبران الأمر إنتصاراللديمقراطية .
تفوز الحركة الشعبية وشركاؤها فى الإنتخابات بنسبة 55% منالأصوات وتعزز هذه النتيجة الإيجابية غير المتوقعة الإنسجام والتماسك فى التحالفوسيتمكن الجنوب بعد تحقيق هذه النتيجة من الإحتشاد خلف سياسات الحركة الشعبيةالوحدوية . من ناحية أخري فإن حزب المؤتمر الوطني يحصل على نسبة 45% ويعتبر أكبرحزب سياسي إستمد شرعيته من هذه الإنتخابات .
إتباعا لنموذج نيلسون ماندلافى جنوب أفريقيا بعد نهاية نظام الفصل العنصري يقرر تحالف (قوس قزح) إدراج المؤتمرالوطني فى حكومة الوحدة الوطنية لمنع حدوث عنف فى المستقبليشكل ضغط كبير منالصين وروسيا والولايات المتحدة على حزب المؤتمر الوطني بقبول الصفقة وبقاء البشيرنائبا للرئيس بدلا عن رئيس الدولة , ولفترة من الزمن ترفض الدول المانحة ومنهاالولايات المتحدة وبريطانبا وهولندا هذا الحل لأنه سيؤدي الى إسقاط التهم من البشيرأمام المحكمة الجنائية الدولية ولكنها تقبل فى نهاية الأمر . بعض أعضاء المؤتمرالوطني والحركة الشعبية لا يقبلون هذا الإتفاق ولكنهم عاجزون عن العودة للحرب مجددا . بالرغم من فرض قيادة الجيشين الشمالي والجنوبي للإنضباط الإ أن بعض الحوادثالصغيرة تقع بفعل صراعات القوي والنزاعات العرقية . يقبل البشير نتقاسم السلطةوبكونه نائبا للرئيس وفى 4/1/2012 يبدأ العمل بالدستور الجديد لجمهورية السودانالأتحادية الذي يحل محل الدستور الوطني الإنتقالي .
السودان فى هذا السيناريو فى العام 2012([9])
فى عام 2012 ووفقا لدستوره الجديد , فإن السودان هوإتحاد ديمقراطي يتقاسم فيى الشمال والجنوب والشرق ودارفور وكردفان والخرطوم الثروةوالسلطة . تتمسك غالبية حركات دارفور المعارضة بما فيها حركة العدل والمساواة ومعظمكيانات حركة تحرير السودان بوقف إطلاق النار والتفاوض وفقا لإتفاقية سلام الفاشروالذي بقيت خارجها فقط بعض الجماعات الصغيرة التي تري أن عمليات العنف اكثر فائدة
وفقا للدستور الجديد , فإن كل أقاليم السودان تنعم بقسمة الثروة والسلطةوكلها ممثلة فى حكومة الخرطوم ووجدت كل المناطق المهمشة نصيبها من كعكة وبالرغم منتطبيق الشريعة الإسلامية على المسلمين فى الشمال , إلا أن السودان بكامله إتحادعلماني , وتنوي الحكومة الإتحادية إصدار تشريعات مناهضة للتفرقة العنصرية وأن كلفرد يلقي معاملة متساوية أمام القضاء وفى الحياة اليومية . تم ضمان الحرياتالأساسية وحقوق الإنسان بموجب الدستور . ويجري العمل على توحيد القوات المسلحةوالجيش الشعبي ليكونان القوات المسلحة الوطنية . بالرغم من أن كثير منالنخب الشمالية متشددة بشأن الترتيبات الجديدة لكنها تغلب مصالحها الإقتصادية علىالأيدولوجية كما أن معدلات النمو الإقتصادي ستتسارع مما يزيد من ثراءهم . وفى الواقع فإن هنالك روابط تجارية بين النخب الشمالية والجنوبية وهي أيضاأهم من أجندتهم السياسية المتباينة , فضلا عن القوة السياسية لحزب المؤتمر الوطنيلن تتقلص بين عشية وضحاها . وعلى أساس أنه كان والي وقت قريب (الدولة) فإنه يسيطرعلى العديد من المواقع الهامة وله نفوذ داخل الحكومة وعليه يمكن القول أن السودانلم يصبح بعد ديمقراطيا بالكامل , ولكن غالبية السودانيين يعيشون مع هذا الوضع
معظم أعضاء تحالف (قوس قزح) ومعظم أعضاء المؤتمر الوطني يثقون بالمسار الذيأمامهم . وبعض المتشددين الإسلاميين لا يرغبون فى المشاركة فى العملية السلميةويرتكبون أعمال عنف صغيرة ويزرعون القنابل , وفى نفس الوقت فإن الحكم تعوزه الكفاءة , لأن الحكومة تتشكل من مجموعات متفرقة وبالتالي فإن عملية إتخاذ القرار تستغرقوقتا طويلا .
يؤسس السودان لعلاقات جوار طيبة مع الدول المجاورة والشركاءالدوليين . من أهم الأهداف ذات الأولوية بالنسبة للحكومة تقوية التعليم ومحو الأميةبالإضافة الى سن القوانين لمكافحة الفساد و محاباة الأقارب وتأكيد المساءلةالقانونية . تحسن الوضع الأمني بصورة عامة منذ بدأ العمل بالدستور الجديد وتم وضعخطط لنزع السلاح طوعا , وبالرغم من ذلك تنشأ نزاعات قبلية خاصة فى الجنوب من وقتلآخر . بعض المجموعات المعارضة الصغيرة تكافح من أجل إستقلال الجنوب لإعتقادهمبتحقيق ثروة وسلطة أكبر بداخله لإستفادتهم من حجم الحريات المتزايدة . وتسعيالحكومة الإتحادية , بمشاركة المنظمات مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الى تعزيزالأمن وحكم القانون وبسط سيطرتها الأمنية حتي تستسلم تلك المجموعات الصغيرة وتبدأعملية نزع السلاح حيث لن يحتاج المدنيون الى توفير الأمن بأنفسهم.
يجذبالوضع الأمني المتحسن المستثمرين الذين يجرون مسحا للأسواق بحثا عن فرص العمليزداد إنتاج البترول ويجري البحث عن آبار جديدة . فيما عدا الخرطوم , لايزالالإقتصاد السوداني يعاني من الفقر ولكن فى ظل هذا الإستقرار فإن التنمية الإقتصاديةتصبح ممكنة ونتيجة للإستثمارات الأجنبية الأولي يتم إستخدام سياسات ترمي لتقويةالتجار المحليين وعدد من مشروعات التنمية كمحصلة طبيعية للسلام الذي تم التوصلإليه. وتسير التوقعات الى أن الجنوبيين عند الإستفتاء الذي تمت إعادة جدولته ليكونفى العام 2013 سيختارون الوحدة لأنها أصبحت أكثر جاذبية . بل أن البعض ينادونبتأجيل الإستفتاء الى أجل غير مسمي بإعتباره إهدارا للمال , أما السؤال حول ما إذاكان سيتم تنظيم إستفتاء فى وكيفية ذلك , هو السؤال الذي لم يجد الحل بعد .
مقترحات وخيارات سياسية للمجتمع الدولي فى سيناريو 2012([10])
يشجع الوضعالأمني المتحسن فى كامل البلاد , المجتمع الدولي على التفاعل مع التنمية فى البلادوالمساعدة فى بناء القدرات على أنه لا تزال هنالك حاجة الى بناء الثقة وإدارة و منعحدوث النزاعات والخيارات السياسية بهذا الشأن كما يلي :
· توفير أكبر قدرممكن من المساعدات التنموية وتشمل التعليم وتنمية البنيات التحتية وتحسين إمداداتالمياه المحلية وإنتاج الغذاء .
تسهيل عودة اللاجئين و إعادة توطين النازحينفى الداخل وإعادة إدماجهم فى المجتمعات المحلية ,إعادة تأهيل و إعمار المناطق التييعودون إليها .
· الدعم المستمر لحكومة الوحده الجديدة .
· تشجيع التجارة والإستثمارات الأجنبية المباشرة فى السودان .
· تطبيق حقوق الإنسان وسيادة حكمالقانون وتطبيق الإتفاقيات المندرجة تحت إتفاق السلام الشامل والإتفقايات اللاحقة .
· التخطيط للإنتخابات المستقبلية .
· تواجد مستمر وإن كان بقدر قليل لقواتحفظ السلام بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة .
· إصلاح القطاع الأمنيفى الشمال والجنوب لتأكيد وحدة وفعالية العمل الأمني
· إدارة وفض المنازعات بينمختلف المجموعات القبلية لمنع حدوثها مستقبلا .
· تشجيع نزع السلاح طوعا .
· تقوية أجهزة الحكم فى حكومة الجنوب لتمكينها من تقويم الخدمات للجمهور .
· دعم منظمات المجتمع المدني لتعزيز الوحدة فى الجنوب .
· دعم منظماتالمجتمع المدني والمعارضة السياسية لتأكيد الحكم الراشد([11]) .
السيناريو الرابع :-
الحذر مما هو مرغوب فيه : صومال أخري ؟ (لا حرب ـــ إنفصال )
_مستقبل السودان 2009 – 2012
بنهاية عام 2009 وبالرغم من تطبيق إتفاقية السلام الشامل الى أقصي مدي ولكن ينظر الى النصف الفارغ من الكوب . وبالنسبة لسكان جنوبالسودان لا تبدو الوحدة جاذبة ويأمل الشمال فى تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسبوبذلك يفقد ثقة الجنوبيين . وفى الجنوب بهيج السياسيون الجماهير بأن الإتفقاية لمتنفذ وأن الشمال لا يمكن الوثوق به فى الةقت الذي يجاهدون فيه للحصول على ما يمكنالحصول عليه فى الوقت الذي يجاهدون فيه للحصول على ما يمكن الحصول عليه من خلالالتفاوض بشأن الإتفاقية . وبالرغم من أن كثيرين من هؤلاء السياسيين الجنوبيينيحبذون الوحده لكنهم عاجزون عن شرح ميزاتها لسكان الجنوب . وفى إنتخابات عام 2010يبدو إنتحارا سياسيا محاولة الحديث عن مزايا الوحدة وبدلا عن ذلك يتحدث كلالسياسيين عن كيف أنهم سيكونوا قادرين على افنخراط فى قضايا التعليم والصحة ومنعتفشي الأمراض .
تصوت الغالبية العظمي من الجنوبيين بنسبة 91% لصالحالإستقلال عند الإستفتاء وقد أشار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون غداةنتائج الأستفتائ الى أن ( كلا الجانبين كان مسئولا عن تحقيق الوحدة وكلا الجانبينفشلا فى تحقيقها) لم تكن هذه النتيجة مفاجئة حيث كان يدور همس ولعدد من السنينالماضية أن الجنوبيين سيصوتون لصالح الإنفصال . عند قرب الإستفتاء بدأ اللاعبونالمحليون والدوليون يتنبأون بنتيجة . فالمجتمع الدولي حاول زيادة فاعلية حكومةالجنوب لإعدادها للقيام بهذه المهمة الصعبة , واللاعبون المحليون بدأوا يترقبونالمحصلة الممكنة فى الوقت الذي أدركوا فيه أن ميزان القوي والوضع الراهن قد تغيربصورة جذرية . فالسنتين الأخيرتين قبل إستفتاء عام 2011 تصاعدت الصراعات القبليةالتي ذادت من حدنها مركز القوي بإستمرار بأنها حكومة الدينكا ولا مكان فيها للقبائلالأخري.
أدت الخلافات بين المجموعات المختلفة داخل الحركة الشعبية والأحزابالسياسية الجنوبية الأخري والمشاكل القبلية الى عدم إستقرار الجنوب . تصاعدتالصراعات فى دارفور من أجل الإستفتاء , وإزدادت النزاعات فى كردفان والشمال الأقصيوالشرق والمناطق المتنازع عليها . تفشل كل إتفاقيات السلام لأن الجماعات فى تلكالمناطق المهمشة يرون أنه فى عدم وجود دعم من جنوب السودان فإن البقاء تحت حكمالخرطوم لن يفيد وتتراخي قبضة الخرطوم على الشمال برغم محاولاتها للسيطرة على زمامالأمور ولكنها لا تيتطيع مقاومة إنفصال الجنوب هذا بالإضافة الى أن غالبية أهلالسودان النيلي لا يرغبون فى أن يحارب أبناءهم فى الجنوب
نتيجة تحكيمأبيي تقرر بقاء آبار البترول الرئيسية فيها داخل حدود الشمال . يوافق الشمال علىالإفتراق عن الجنوب سلميا حتي يتفرغ لتحقيق الإستقرار فى المناطق الشمالية . ينشئالجنوب دستورا إتحاديا تكون الحرية والمساواة أهم مكوناته . ومن غير وجود عدو فىالشمال لا يتمكن الجنوب من الحفاظ على الوحدة , فينفجر الوضع فى عيد الإستقلال , وعند إلقاء خطاب الرئيس الذي أدي القسم مؤخرا سلفاكير , يتم إغتياله , ومنذ تلكاللحظة تمزق الصراعات القبلية والفوضي الدولة حديثة الولادة .
السودان فى هذا السيناريو 2012([12]):-
في العام 2012 , جمهورية جنوب السودان في حالة فوضي لقدفرضت سيطرتها على مواردها و لاحاجة لها بعد اليوم لتقاسمها مع الشمال ولكن الصراعاتتنشأ بسببها فى الداخل . فالحكومة بيد الحركة الشعبية ولكن أعضاءها وحدهم الذينيؤمنون بوحدة الجنوب وهم من قبيلة واحدة سيطرة الحكومة تمتد فقط فى حدود مدينة جوباوباقي الجنوب مقسم بين مليشيات القبلية وأمراء الحرب . تحدث صراعات بين الدينكاوالإستوائيين وبين النوير اللو ونوير جيكاني فى ولاية أعالي النيل وبين نوير اللووالمورلي فى ولاية جونقلي . معظم قادة المليشيات القبلية وأمراء الحرب كانوا فيمامضي أعضاء فى الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان ولكنهم تفرقوا إما خوفاعلى قبائلهم أو لأنهم قد يكسبون أكثر من العمل بمفردهم
لاتزال الخرطوممسيطرة على الأجزاء الأخري فى الشمال أكثر من المناطق الحدودية ولكن سيطرتها آخذةفى الضعف فى تلك الأجزاء . تفقد القوات المسلحة السودانية السيطرة على الأمور فىدارفور التي تفاقمت فيها الأوضاع الى حد الفوضي . تجاهد القوات المسلحة مع قواتالدفاع الشعبي والمليشيات للمحافظة على شمال كردفان التي تعاني هي الأخري منالتأثيرات الناجمة عن حالة الفوضي بكل الجنوب ودافور . فى ذات الوقت تشتعل الصراعاتفى الشرق وفى أقصي الشمال , حيث أن التغير فى موازين القوي شجع الجماعات المتمردةلحمل السلاح مجددا .
يتضح تدهور الأوضاع بالنسبة للخرطوم التي تحاول جاهدةالسيطرة على زمام الأوضاع ويوجه حزب المؤتمر الوطني إهتمامه بوادي النيل الشمالي بتوجيه الخدماتوالإستثمارات الشحيحة لأنصاره العرب – المسلمين . وع ذلك تبدو هذه الهمة عسيرة إذأن ملايين اللاجئين والنازحين فى الداخل من الأطراف الشمالية والجنوب متواجدين فىالمناطق التي يسيطر عليها حزب المؤتمر الوطني . وهناك مخاوف فى الخرطوم من أن هذهالجموعات أو نخب أخري لا تتبع للمؤتمر الوطني ربما تخطط لإنقلاب , فيتم تشديد الأمنأكثر من ذي قبل . يتعاون حزب المؤتمر الوطني مع الذين بيدهم السلطة فى جوبا بإعتبارأنهم يوجهون ذات المشاكل ولديهم ذات المصالح .
أصبح السودان بأسره , جنوباوشمالا غير آمن وكنتيجة لذلك إنسحب المستثمرون وتوقف إنتاج البترول لإرتفاع معدلات العنف وإنعدام الأمن والفوضي فى مناطق الإنتاج وتم إحداث أضرار بأنبوب البترول فىعدة أماكن من قبل الجماعات المتمردة ,كما تعزرت الزراعة .
بالرغم من أن الدستورالتقدمي لمجهورية جنوب السودان الإ أن المساواة والعدل والحريات وما تزال بعيدةالمنال . ومع أن الدستو فى الشمال أقل تقدمية , فإن الأمن و أوضاع حقوق الإنسانأفضل قليلا , وعلى أثر ذلك أصبحت جماعات جديدة من الناس نازحين داخليا بينماإستقبلت دول مجاورة مثل مصر وأثيوبيا وكينيا و أوغندا تدفقات ضخمة للاجئين الجدد وصفها المفوض السامي للاجئين بأنها أسوء كارثة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية .
مقترحات وخيارات سياسية للمجتمع الدولي لسيناريو عام 2012 :- ([13])
لم يعدالوضع غير المستقر فى الجنوب وعدم الإستقرار المتزايد فى الشمال , يسمح بتقديممساعدات تنموية فاعلة وليس بمقدور المجنمع الدولي سوي تقديم الإغاثات , غير أن أفضلما يمكن تقديمه هو محاولة إدارة الصراع ومنعه من أن ينحدر نحو الأسوء , ولهذهالغايات فإن الخيارات الساسية الرئيسية هى كالآتي :
-توفير التدريبللقيادة على عملية إتخاذ القرارات المدروسة والناجزة .
-توفير المساعداتالإنسانية لمقابلة الإحتياجات الأساسية .
-وجود قوات حفظ سلام لحماية المدنيينوتوفير المساعدات الإنسانية بوجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة .
-إدارة وفض المنازعات بين مختلف القبائل لمنع النزاعات المستقبلية .
-تقويةهياكل الحكم فى الجنوب لتعزيز قدرات حكومة الجنوب لتقديم الخدمات للجمهور .
-دعم منظمات المجتمع المدني لتقوية وحدة الجنوب .
-دعم منظمات المجتمع المدنيوالمعارضة السياسية لتأكيد الحكم الراشد والمسئول فى الشمال والجنوب
سيناريو (احتمال انضمام الولايات المتحدة الامريكية لحرب فى جنوب السودان )
-لعبت الولايات المتحدة الامريكية دور السمسار فى اتفاقية السلام ففى البداية كانت تتجه الولايات المتحدة الى مساندة جارانج لتمكينه من السيطرة على السودان بالكامل فى مرحلة ثانية وطمس الهوية العربية –الاسلامية الى الابد ومرد ذلكعده نقاط اهمها([14]):-
1-ان التصورالامريكى للسودان منذ بداية التسيعينات يتجه الى اعتبار ان السودان احدى دول"القرن الافريقى الكبير " الذى يضم ( السودان –ارتييا –جيبتى –اثيوبيا –الصمال –أغندا –كينيا –تنزانيا –روندا –بروندى ) وبهذا المعنى يخرج السودان مع هذه الودل من الحظيرة العربية ومعه كل من جبيوتى والصومال (1)
2- انفصال جنوب السودان بمفهومه الجغرافى لن يؤثر كثيرا على كمية مياه النيل الواردة الى مصر على اعتبار ان النيل الازرق لايمر بالجنوب الجغرافى وبالتالى
فان قدرة دولة الجنوب ومن خلفها (الولايات الامريكية – بريطانبا –اسرايئل) على الاضرار بالمصالح المائية المصرية ستكون محدودة.
3-انفصال الجنوب لن يخدم كثيرا المصالح الامريكية النفطية فى السودان ، فقد ثبت أن بشمال السودان احتياطات نفطية ربما تفوق ماهو موجود فى الجنوب من جهة ،كما ثبت امتداد الحقول النفطية من الشمال والجنوب ،الامر الذى يجعل من قيام دولة جنوبية متصارعة مع دولة شمالية فى السودان معرقلا لنشاط الشركات الامريكية النفطية
_وقد كتب ثوماث تالي ،وهو مقدم في جيش الولايات المتحدة ويعمل الان في الافريكوم (القيادة الامريكية الافريقية) وهو يعمل في مجال التخطيط الاستراتيجي والسياسات ويحمل ماجستير في العلوم في العلاقات الدولية (2)
وهو يرى ان رئيس الولايات المتحدة الامريكية يقف الان على ربوة عالية والمؤيدون للتدخل في الولايات المتحدة يدفعون الرئيس لان يفعل شيئا مما يعني انهم في هذا الموقف يحثونه للعمل العسكري(بان يقوم بالقفز من فوق الربوة مهما كانت النتائج ).
وكاتب المقال يتمني لو ان رئيس الولايات المتحدة فكر تفكيرا متزنا وواقعيا لاتخاذ القرار السليم ،يري انه قبل ان يناقش "طرق الحل المفتوحة" وهوتعبير مستخدم ضمن المصطلحات العسكرية السودانية تعريبا للمصطلح العسكري الانجليزي والامريكي "Open Courses of Action "ويرى ان أحسن الخيارات للولايات المتحدة
الخيار الاول
والذي علي ضؤوه يتم اجراء الاستفتاء وهذا الخيار هو السياسة الرسمية لحكومة الولايات المتحدة والعامل المهم ليست نتيجة الاستفتاء فقط ولكن هو احترام نتيجة الاستفتاء.
بالرغم من ان هذا الخيار هو الاحسن لكن لايعني عدم أعتبار بقية الخيارات" في الواقع جرت العادة علي اسقاط الخيار الذي يبدو من الوهلة الاولي عدم ملائمته .
الخيار الثاني
هو الذي ينادي بعملية كونفدريلة والمطلوب فيه وحدة للسودان اسمية والتي يتمتع فيها الجنوب بقدر عالي من الحكم الذاتي لجنوب السودان وفي نفس الوقت يلتزم كل من الطرفين بعدم اللجو للحرب ولكن هذا مجرد وعد كاذب فالحرب مصيرها ان تحدث لان هنالك لاعبون من الطرفين يرغبون في قيام الحرب ويحتاجون للحرب وعندما تندلع الحرب فان عناصر القوة الاميركية سوف تضعف نسبة لانها ستفقد الكثير من عناصر القوة المتاحة لها لانها كانت الضامنة للعملية وقامت بالسمسرة للعملية وسوف يزداد الخطر نسبة لانه سوف ينظر لها انها خرجت من العملية. الحالة الجيدة في هذا الخيار انه لايتم جر الولايات المتحدة للحرب في السودان([15]).
الخيار الثالث COA3
وهو يختص بتغيير اصول اللعبة Game-Changer والقيام بلعب لعبة أخري مختلفة تماما ويقدم هذا الخيارعلى الاتي :
أ.القيام بتطوير وتنفيذ أستراتيجية تركزعلي علي تحقيق نتيجة مرغوب في حدوثها أكثرمن البحث عن بدائل تتيحها الظروف المعاشة .و تحديد الوقت , الايقاع وطبيعة اي صراع مسلح
ب. ان تكون في موقف يجعل الولايات المتحدة تحقق السلام العادل.
-- قدم لنا ثوماث تالى ما شبه بعميلة "تقدير موقف سياسى عسكرى" حيث ربط الفهم الشامل لاتفاقية السلام لانها هى الرابطة التى تحكم علاقة الولايات المتحدة بالاتفاق فهى كانت تعنى شيئا فى عام 2004 حيث كانت تراها انجاز للسياسة الخارجية لانها أقفت الحرب والان فى 2010 تعنى شئيا مختلفا ،حيث التزام الولايات المتحدة بحق ان الاستفتاء الذى فرضته اتفاقية السلام سيكون "casus belli" للتجديد لنفس الحرب والتى ستجر رجل الولايات المتحدة وذلك نسبة للمتغيرات العديدة التى برزت الى حيز الوجود العالمى موخرا.
خاتمة
إن المناخ السياسى العام حاليا فى السودان متجه نحو التعقيد، التنبوء به سيساعد فى المساهمة فى إيجاد التغييرات الديمقراطية التى طال إنتظارها. لقد قام حزب المؤتمر الوطنى وبتمكين من إتفاقية السلام الشامل بإضعاف ألأحزاب السياسية المعارضة والقيام بالكثير من الممارسات المتناقضة، وهو بذلك يقوم بإعادة تقوية ذاتية للمكتسبات السياسية والدينية التى إهتزت من خلال الأنشطة السياسية والعسكرية التى شنتها الحركة الشعبية والجيش الشعبى لتحرير السودان وحلفاءها فى التجمع الوطنى الديمقراطى والحركات المسلحة فى دارفور. بقيامها بذلك فإن المؤتمر الوطنى يقوم بخرق الإتفاقية، وتحدى الحركة الشعبية فى جنوب السودان وجبال النوبة والنيل الأزرق، وأبيي التى قورنت احداثها المخجلة بدارفور. ويمكنللمؤتمر خلق تحالفات محلية واقليمية وصداقات جديدة ووعود مالية لاحتواء مضاعفات ذيول مجازر دارفور.
لقد أثبتت تجارب العقود الثلاثة الماضية على أن طموحات وآمال شعوب السودان المهمشة والقوى الديمقراطية كلها متشابهة، ودلت على ان وحدة الهدف فى ميادين القتال والتفاوض، قد نجحت فى حماية الحركة ألشعبية وألإبقاء عليها قوية، رغم حدة تلك التجارب.
ومن جانب آخر، فإن رؤية السودان الجديد كما أعلنها مؤسسي الحركة الشعبية والجيش الشعبى لتحرير السودان، والقائد سلفا كيير ميارديد فى طليعتهم، قد جذبت ألملايين من شعوب السودان المهمشة والقوى ألإنسانية والديمقراطية، والذين من خلال تضحيات كثيرة وكبيرة ، قد أبقوا على روح وإستمرارية هذه الرؤية (منها حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان) لذا، وكما دلت تجارب السنوات الثلاثة الماضية، فإن البقايا المشتركة للذين تعودا على الظلم، يظلون أحياء ويتحولون أقوياء من خلال ضعف وتفكك المهمشين والديمقراطيين، لذلك فإن الوحدة تحت هذه الرؤية وبتوجيه وقيادة قوية ، سيثبت بأنه الضمان والخيار ألأمثل لتحقيق القيم ألإنسانية، كالحرية والمساواة والعدالة والديمقراطية، لكل شعوب السودان.
إن عملية السلام بدارفور، ومراحل الديمقراطية المتوقعة لكل السودان، يجب النظر إليها كعملة ذات وجهين، وأن المؤتمر الوطنى ليس جاد فى تحقيق سلام حقيقى، لأن ذلك سيقلل من سلطاتها الحالية المطلقة، مالم يتم إكثار الضغوط عليه.
|