الإثنين,25 أكتوبر 2010 - 11:12 م : 31649
ترجع أصول نشأة الكوميسا إلى منتصف الستينيات، عندما اتخذت دول الشرق والجنوب الإفريقي مبادرتها نحو تكوين تنظيم إقليمي فرعي للتعاون فيما بينها.
edf40wrjww2article:art_body
fiogf49gjkf0d
ولقد دعت اللجنة الاقتصادية لإفريقيا عام 1965 إلى عقد اجتماع وزاري للدول المستقلة في ذلك الحين في شرق وجنوب القارة للنظر في المقترحات التي استهدفت في النهاية إنشاء آلية لتشجيع التكامل الاقتصادي الإقليمي الفرعي وصدر عن هذا الاجتماع
توصيتان متكاملتان:
- إنشاء جماعة اقتصادية لدول شرق وجنوب القارة.
- تشكيل مجلس وزراء مؤقت لهذه الدول يختص بإعداد برامج التعاون الاقتصادي فيما بينها.
وفي العام التالي عُقد المجلس الوزاري أولى اجتماعاته العادية بمدينة أديس أبابا عاصمة إثيوبيا وتم التوقيع على الاتفاقية الخاصة بتنفيذ توصيات المجلس الوزاري من قبل عشر دول هي: بوروندي، إثيوبيا، كينيا، مدغشقر، مالاوي، موريشيوس، رواندا، الصومال، تنزانيا، وزامبيا.
ولقد استمرت صور التعاون الاقتصادي بين هذه الدول حتى مارس 1978 حيث ظهر تفكير جديد يبحث في كيفية دفع هذا التكامل للأمام فقام رؤساء الدول والحكومات الإقليمية بالتوقيع على الاتفاقية المُنشئِة لمنطقة التجارة التفضيلية P.T.A والتي دخلت حيز التنفيذ في 30/12/1982 وقد استهدفت الاتفاقية تحقيق الأهداف التالية:
1- تحرير التجارة وإلغاء الحواجز الجمركية بين الدول الأعضاء.
2- التعاون في مجال التجارة والجمارك وتبادل المعلومات.
3- العمل على إنشاء سوق إفريقية مشتركة بين الدول الأعضاء بحلول عام 2000.
وقد ازداد عدد الدول المنظمة لهذه الاتفاقية الجديدة حتى بلغ 19 دولة عام 1993.
ومرة أخرى وفي إطار التطلعات المستمرة لدفع التكامل الاقتصادي قدمًا إلى الأمام ثم التوقيع على المعاهدة المنشئة للسوق المشتركة للجماعة في 5 نوفمبر 1993 بمدينة كمبالا عاصمة أوغندا، ودخلت حيز التنفيذ في 8/12/1994، حيث عقد أول اجتماع لمؤتمر رؤساء دول وحكومات الدول الإفريقية الأعضاء في مدينة "ليلينجواي" عاصمة مالاوي يومي 7 - 8 ديسمبر عام 1994.
وقد تحدد الهدف العام لإنشاء السوق في تحقيق التنمية المستدامة للدول الأعضاء من خلال محورين:
الأول: داخلي وهو خاص بالاعتماد على الذات في تمويل التنمية، مع تهيئة ظروفها بإنشاء منطقة تجارة حرة عام 2000 وإقامة اتحاد جمركي عام 2004؛ تمهيدًا لإنشاء اتحاد مدفوعات ينتهي بإقامة وحدة نقدية وعملة موحدة.
أما المحور الثاني (الخارجي): فقد ركَّز على توثيق التعاون بين دول السوق، وقد ارتفع عدد الدول الأعضاء ليصبح 21 دولة هي (من الشمال إلى الجنوب): مصر، السودان، إثيوبيا، إريتريا، جيبوتي، أوغندا، كينيا، تنزانيا، رواندا، بوروندي، الكونجو الديمقراطية، مالاوي، سيشل، موريشيوس، جزء القمر، مدغشقر، زامبيا، زيمبابوي، ناميبيا، أنجولا، وسوازيلاند.
الخصائص الجيوبوليتيكية والتكامل الاقتصادي
تتمتع دول السوق بمزايا نسبية تشكل إلى حد كبير عوامل إيجابية في إقامة تكتل اقتصادي سياسي إقليمي قوي في مواجهة الأقاليم الجغرافية الأخرى من ناحية، فضلاً عن مواجهة القوى الخارجية الطامعة من ناحية ثانية.
فدول الكوميسا تحتل رقعة جغرافية واسعة النطاق تبلغ نحو 12.4 مليون كم (أي حوالي 41% من مساحة القارة الإفريقية)، كما تضم تكتلاً بشريًّا ضخمًا يبلغ قوامه 380 مليون نسمة (أي أكثر من نصف سكان القارة البالغ عددهم 700 مليون نسمة).
ومن ناحية ثانية يمثل الإقليم أهمية خاصة من الناحية الجيوبوليتيكية لامتلاكه شواطئ على درجة فائقة من الأهمية؛ حيث تمتد هذه الشواطئ من بور سعيد (مصر) شمالاً على البحر المتوسط مرورًا بقناة السويس والساحل الغربي للبحر الأحمر وخليج عدن، وشواطئ إفريقيا الشرقية على المحيط الهندي حتى جزيرة مدغشقر جنوبًا، كما يشغل الإقليم حيزًا هامًّا من سواحل إفريقيا الجنوبية والوسطى على المحيط الأطلنطي، وذلك في الجزء الشاطئي لكل من ناميبيا وأنجولا والكونجو الديمقراطية.
هذه العوامل مثَّلت ميزة إستراتيجية هامة كانت تتطلع إليها وتتصارع عليها القوى الكبرى عبر التاريخ خاصة في ظل الحرب الباردة ولقد باتت هذه المزايا ورقة هامة في يد القوى الإقليمية الإفريقية سواء على صعيد الاستخدامات السلمية كالتجارة وخطوط الملاحة البحرية والمواصلات، أو على صعيد قضايا الأمن الإقليمي والإستراتيجية الدولية المتمثلة في تأمين خطوط الإمدادات البترولية من مناطق الخليج العربي عبر البحر الأحمر وخليج عدن وقناة السويس إلى دول العالم.
وبالرغم من هذه الإمكانات الهائلة للسوق، فإن حجم التجارة البينية لا يزال دون المستوى، حيث لم يتعدّ حجم هذه التجارة 8% لأسباب سنتعرض لها لاحقًا.
لذا كان هدف الاجتماعات السابقة التي كان من أبرزها القمة الاستثنائية التي عُقدت في لوزاكا عاصمة زامبيا نهاية أكتوبر 2000 بحث كيفية تفعيل التعاون الاقتصادي من ناحية، وبحث سبل تحقيق السلم والأمن في الإقليم باعتبارهما شرطين أساسيين لتحقيق التنمية الاقتصادية. كما يلاحظ أن قمة لوزاكا الاستثنائية ركّزت بصفة أساسية على مناقشة البند الذي تم إقراره في القمة الخاصة للمنظمة التي عُقدت في موريشيوس (18،19 مايو 2000) ويقضي بمطالبة الدول الأعضاء باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة للانضمام لمنطقة التجارة الحرة في موعد أقصاه الحادي والثلاثين من أكتوبر 2000.
وبالرغم من ذلك فإنه لم ينضم لمنطقة التجارة الحرة سوى تسع دول فقط في حين طالب باقي الدول بإعطائها مهلة لتوفيق أوضاعها الاقتصادية الداخلية إذ معنى الدخول في منطقة التجارة الحرة إلغاء كافة الجمارك على سلع الدول الأعضاء وضياع بند مالي هام في ميزان مدفوعات هذه الدول. كما لا تزال هناك مخاوف لدى بعض الدول الأخرى من حدوث تلاعب فيما يتعلق بهوية السلع التي ستُعفى من الجمارك، أو ما يعرف باسم قواعد المنشأ، إذن كيف يتم الحكم على سلعة ما (مصرية مثلاً) بأنها مصنعة في مصر، ومن ثَم يتم إعفاؤها من الجمارك؛ إذ يمكن أن تقوم مصر باستيراد هذه السلعة من الخارج ووضع بطاقة "صنع في مصر" عليها، مع تغيير الغلاف الأصلي للسلعة.
وبالرغم من أن المنظمة حسمت ذلك الخلاف بالقول بأنه ينبغي أن يكون 30% من المواد الداخلة في صناعة السلعة وطنية، فإن الخوف من الغش التجاري لا يزال مسيطرًا على الجميع.
مستقبل الكوميسا
يمكن القول إن الكوميسا يمكن أن تلعب دورًا هامًّا على المستويين الاقتصادي والسياسي من أجل تدعيم العمل الإفريقي المشترك في ظل عصر العولمة، والتحديات الهائلة التي تشكّلها اتفاقية الجات خاصة على الدول الإفريقية الأقل نموًّا، لكن هناك مجموعة من العقبات لا تزال تعترض طريق تحقيق هذا الهدف المنشود
- العداء التاريخي بين بعض الدول و الحروب الأهلية قد يعوق مسيرة التعاون فيما بينها
- عدم وجود آلية إقليمية على مستوى الجماعة لفض المنازعات على غرار الموجودة في الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإيكواس) أو دول التجمع الجنوب إفريقي (السادك)
- عدم وجود خطوط مباشرة للنقل بمختلف أنواعه (البري – البحري – الجوي) بين معظم دول السوق الأمر الذي يساهم في زيادة تكلفة السلعة من ناحية أو فسادها
- ندرة الصرف الأجنبي و مشكلة العملة فى الدول الإفريقية