الإثنين,12 ديسمبر 2011 - 01:16 ص : 29225
خلال حقبة الثمانينيات اندلعت حرب بين العراق وايران كانت من اشرس الحروب التى حدثت فى حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية وعرفت فيما بعد " بحرب الخليج الاولى " تمييزا لها عن حرب الخليج الثانية التى بدأت 1990، وقد قتل فى تلك الحرب حوالى 675 الف شخص من الطرفين .
fiogf49gjkf0d
وقد بدأت تلك الحرب فى 22 سبتمبر 1980 حينما قامت القوات العراقية بمهاجمة القوات والمدن الايرانية فى الغرب وانتهت فى 20 أغسطس 1988 حينما قبلت ايران قرار مجلس الامن رقم 598 الذى قضى بوقف اطلاق النار . وقد جاءت تلك الحرب محصلة لسلسلة من التطورات بدات مع انتصار الثورة الاسلامية الايرانية والتى اطاحت بحكم محمد رضا شاه فى فبراير 1979 بزعامة آية الله الخمينى . وقد اعتبر قادة الثورة ان ثورتهم هى نموذج للشعوب الاسلامية وتعهدوا بمساعدتها ، كذلك فقد قام قادة الثورة بتصفية النظام الامبراطورى الايرانى والقيادة العسكرية والسياسية الموالية للشاه مما اضعف من القوات المسلحة الايرانية ، كما اتبعوا سياسة معادية للولايات المتحدة بحكم انها كانت تدعم نظام الشاه . ومن المرجح ان الرئيس العراقى صدام حسين قد وجد فى تلك التطورات فرصة سانحة لتحقيق انتصار اقليمى بمساندة من الولايات المتحدة فى ظروف الخلل فى ميزان القوى العسكرى لصالح العراق ، كما انه وجدها فرصة لالغاء التنازلات التى اعطاها لايران فى منطقة " شط العرب " حيث يصب نهرا دجلة والفرات فى الخليج العربى . وكان العراق اتفق مع ايران بموجب اتفاقية موقعة 1975 بتقاسم شط العرب نظير وقف ايران دعمها للتمرد الكردى فى العراق . وقد برر العراق شنه الحرب بانه اعتبارا من 4 سبتمبر 1980 قامت المدفعية الايرانية بقصف الاراضى العراقية .
وقد تغير مسار الحرب بشكل جذرى خلال الحرب عدة مرات كما تدخلت القوى الكبرى للتاثير فى ذلك المسار . ففى البداية توغلت القوات العراقية داخل ايران واحتلت مناطق شاسعة فى خورستان بما فى ذلك مدينة خور مشهر ، ولكن مع حلول سنة 1981 استعادت القوات الايرانية زمام المبادرة الاستراتيجية وشنت هجوما واسعا فى مارس 1982 اسفر عن استعادة خور مشهر واضطرت العراق الى اعلان انسحاب قواتها الى الحدود الدولية وعبرت عن رغبتها فى التفاوض مع ايران لانهاء الحرب وسحب قواتها ولكن ايران رفضت العرض العراقى وبدأت فى مهاجمة الاراضى العراقية . وتحول الهدف الاستراتيجى للعراق من احتلال اراضى ايرانية الى منع ايران من احتلال اراضى عراقية .
وفى ابريل 1984 اقترح الرئيس العراقى صدام حسين عقد لقاء مع الخمينى ولكن الاخير رفض العرض العراقى وقد تدخل الاتحاد السوفيتى وفرنسا بمد العراق بالمعدات الحربية اللازمة لصد الهجوم الايرانى مما ادى الى تحول الحرب بين عامى 1984, 1987 الى حرب استنزاف متبادلة ، فرغم موقف الحياد الذى اعلنه الاتحاد السوفيتى الا انه اصبح اكبر مورد للسلاح الى العراق ، كذلك استعملت القوات العراقية الاسلحة الكيماوية ضد القوات الايرانية وتبادل الطرفان قصف التجمعات السكانية والمناطق الصناعية فى الدولتين ، كما احتلت ايران ميناء الفاو فى فبراير 1986 . وفى تلك الفترة شكلت منظمة المؤتمر الاسلامى " لجنة المساعى الحميدة " للتوسط لتسوية النزاع وقدمت اللجنة مشروعين للتسوية رفضتهما ايران معلنة رفض اى تسوية مع العراق قبل هزيمته ، وقبل اعلان المنظمة مسئولية العراق عن الحرب . كذلك تدخلت الولايات المتحدة فى الحرب بمد الطرفين بالمعلومات عن القوات المسلحة للطرف الاخر واماكن تجمعها لضمان اطالة أمد الحرب حتى تستنزف الطرفين معا وكان اشهر تلك المواقف هو مدها لايران بالسلاح سنة 1985 ، كذلك تحولت الدولتان اعتبارا من سنة 1984 الى ما عرف باسم " حرب الناقلات "حيث هاجمت كلا منهما الناقلات البحرية التى تحمل نفط الدولة الاخرى حتى تحرمها من الموارد الناشئة عن تصدير النفط . وفى هذا الاطار تدخلت الولايات المتحدة لحماية ناقلات النفط الكويتية بناء على طلب الكويت سواء برفع العلم الامريكى على تلك السفن او حماية السفن عسكريا ، ولما هاجمت ايران احدى السفن التى ترفع العلم الامريكى ( السفينة سى آيل سيتى ) فى اكتوبر 1987 ردت الولايات المتحدة بتدمير رصيفين للنفط فى ايران . وقد تحسن الاداء العسكرى العراقى بعد ذلك ونجحت العراق فى استعادة جزيرة الفاو التى كانت ايران قد احتلتها وازاء هذا التحسن مع تكثيف الاستعمال العراقى للاسلحة الكيماوية وافقت ايران على قبول قرار مجلس الامن برقم 598 الذى يقضى بوقف اطلاق النار وهو ما تم فى 20 اغسطس 1988، ومع انتهاء الحرب لم يكن اى من القضايا التى استعملها الطرفان لتبرير الحرب او استمرارها قد تم الاتفاق على تسويته .
ترجع اهمية الحرب العراقية الايرانية الى حجم الدمار الشامل الذى لحقته بالطرفين ، والى انها كانت نموذجا لتدخلات القوتين الاعظم فى الصراعات الاقليمية ، والجديد فى تلك الحرب هو ان القوتين لم تكونا على طرفى نقيض بالضرورة فقد اتسم تدخل القوتين الاعظم بطابع عملى نفعى اكثر منه بالمواجهة المباشرة مع الطرف الاخر ويرجع ذلك الى عدائهما معا للثورة الاسلامية الايرانية . كذلك عمقت الحرب من مشاعر العداء لدى الطرفين ومهدت للتدخل العسكرى الاجنبى المباشر فى المسرح الاستراتيجى للخليج العربى مباشرة .