الجمعة,11 نوفمبر 2011 - 10:01 ص
: 17424    

كتب من كتاب دكتور على الدين هلال، تطور النظام السياسي المصري

شهدت فترة الرئيس عبد الناصر تطور دستورى تمثل في اصدار عدة دساتير واعلانات دستورية على النحو التالى :

fiogf49gjkf0d
1)         الاعلان الدستورى المؤقت عام 1953:
صدر هذا الاعلان الدستورى فى 10 فبراير 1953 وقد حل هذا الاعلان الدستورى محل دستور 1923 وبالنسبة للخصائص العامة لهذا الاعلان فانه لم يكن دستورا منفصلا بل كان شديد الايجاز ولم يتضمن سوى احدى عشرة مادة تميزت بالعمومية فى نصوصها، فعلى سبيل المثال لم يتعرض هذا الاعلان لطبيعة نظام الحكم ، وهل هى ملكية ام جمهورية حيث لم يكن قد تم بعد الغاء النظام الملكى واعلان الجمهورية الذى جدث فى 18 يونيو 1953. واكتفت المادة الاولى من الاعلان على النص بان جميع السلطات مصدرها الامة ، وركز الاعلان السلطتين التشريعية والتنفيذية فى يد مجلس الوزراء ، وجعل السيادة العليا للدولة من اختصاص قائد الثورة يباشرها بما يتفق وحماية الثورة وتحقيق اهدافها . ونص الاعلان ايضا على تكوين مؤتمر من مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء ينظر فى السيادة العامة للدولة وما يتصل بها من موضوعات ، ومناقشة تصرفات كل وزير، واخيرا اكد الاعلان على مبدأ احترام استقلال القضاء وانه لا سلطان عليه لغير القانون.
ونتيجة للطبيعة المؤقتة لهذا الاعلان الدستورى فقد استمر العمل به لمدة ثلاث سنوات فقط.
 
2) دستور 1956 :
بعد ان استقرت الامور للثورة وانتهى الصراع بين محمد نجيب وجمال عبد الناصر لصالح الاخير ، فقد صدر دستور جديد وقد قام بوضع الدستور لجنة فنية ثم عرض على الشعب للموافقة فى استفتاء عام.
وابرز الدستور فى مقدمته المبادئ الستة التى قامت عليها الثورة ، واكد الدستور على الطابع العربى لمصر فأشار فى مقدمته " نحن الشعب المصرى الذى يشعر بوجوده متفاعلا فى الكيان العربى الكبير، ويقدر مسئولياته والتزاماته حيال النضال العربى المشترك لعزة الامة العربية ومجدها " . ونص الدستور فى مادته الاولى على ان مصر دولة عربية والشعب المصرى جزء من الامة العربية. وفى مجال المقومات الاساسية للمجتمع تحدث الدستور عن الملكية العامة والملكية التعاونية الى جانب الملكية الخاصة .
اما من حيث طبيعة نظام الحكم فقد اخذ الدستور بفكرة ان الامة مصدر السلطات وان شكل الحكم هو النظام الجمهورى. ويرى جانب كبير من فقهاء القانون الدستورى ان دستور 1956 جمع بين خصائص النظامين البرلمانى والرئاسى ويتضح ذلك فى توزيع السلطات فى الدولة .
 
بالنسبة للسلطة التشريعية فقد نص الدستور على انشاء مجلس الامة ونصت المادة 56 على ان مجلس الامة هو الهيئة التى تمارس السلطة التشريعية وانه " لا يصدر قانون الا اذا قرره مجلس الامة " ، وفى مجال الوظيفة المالية تطلب الدستور موافقة مجلس الامة على مشروع ميزانية الدولة والحساب الختامى وكل الامور المتعلقة بانشاء الضرائب العامة او تعديلها او الغائها الا ان الدستور لم يعط لمجلس الامة حق اجراء اى تعديل فى مشروع ميزانية الدولة الا بموافقة الحكومة وكانت مدة عضوية المجلس خمس سنوات ويتم اختيار اعضائه عن طريق الانتخاب السرى العام.
 
وبالنسبة للسلطة التنفيذية فقد تكونت من رئيس الدولة الذى كان رئيسا للسلطة التنفيذية ومن الوزراء ، ووفقا للدستور يتم اختيار رئيس الجمهورية عن طريق مجلس الامة ، اذ يتولى المجلس ترشيح الرئيس بالاغلبية المطلقة لاعضائه ، ويعرض هذا الترشيح على الشعب فى استفتاء عام ، فاذا حصل على الاغلبية المطلقة اعتبر رئيسا للجمهورية والا رشح المجلس غيره وعرض الترشيح من جديد على الشعب. وتطلب الدستور فيمن يرشح لرئاسة الجمهورية ان يكون مصريا من ابوين وجدين مصريين ، وان يكون سنه يوم الترشيح 35 سنه ميلادية على الاقل ، وان متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية ، والا يكون منتميا الى الاسرة التى كانت تحكم مصر قبل 1952 ، وبالنسبة لمدة الرئاسة فقد نص الدستور على انها ست سنوات ميلادية تبدا من تاريخ اعلان نتيجة الاستفتاء.
 
اما بالنسبة لاختصاصات رئيس الحمهورية، فقد اعطاه الدستور عددا من الاختصاصات ذات الطابع التشريعى والتنفيذى. بالنسبة للطابع التشريعى كان للرئيس حق اقتراح القوانين والاعتراض عليها خلال فترة زمنية معينة واصدارها ( المواد 132، 133، 134) الا ان حق اعتراض الرئيس على القوانين لم يكن حقا مطلقا، ويمكن لمجلس الامة التغلب عليه باقرار مشروع القانون مرة ثانية باغلية ثلثى الاعضاء ، فاذا تم ذلك صدر القانون رغم اعتراض الرئيس. واعطى الدستور للرئيس حق اصدار اللوائح التنفيذية بوصفه رئيساً للسلطة التنفيذية. والى جانب ذلك اعطى له حق اصدار لوائح لها قوة القوانين ، وهذه اللوائح اللوائح نوعان: الاول ، ما يسمى " لوائح او قرارات لها قوة القوانين " وتصدر فيما بين دورات انعقاد مجلس الامة او فى فترة حله ، والثانى، " لوائح او قرارات التفويض" وتصدر خلال فترة فترة انعقاد المجلس وبتفويض منه. وبالنسبة للنوع الاول اشترط وجود ظرف استثنائى، وان يقع هذا الظرف فيما بين ادوار انعقاد مجلس الامة او فى فترة حله ، وان تعرض هذه القرارات على مجلس الامة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها اذا كان المجلس قائما، وفى اول اجتماع له فى حالة الحل والا زال اثرها القانونى وباثر رجعى . اما بالنسبة للنوع الثانى فقد اوجب الدستور ايضا وجود ظرف استثنائى ، وصدور تفويض من مجلس الامة ، وان يكون هذا التفويض محدود المدة وان يعين موضوعات هذه القرارات والاسس التى تقوم عليها .
 
اما بالنسبة للاختصاصات ذات الطابع التنفيذى، فاهمها تولى رئيس الجمهورية رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة ، وتعيين الوزراء واعفائهم من مناصبهم ورئاسة القوات المسلحة وتعيين الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين وعزلهم على الوجه المبين فى القانون واعتماد ممثلى الدول الاجنبية والعفو عن العقوبة او تخفيضها واعلان الحرب بعد موافقة مجلس الامة ، وابرام المعاهدات واعلان حالة الطوارئ.
 
ونجد ان هذا الدستور بين خصائص النظام النيابى من حيث وجود برلمان يقوم بعملية التشريع ويختار اعضاؤه عن طريق الانتخاب السرى العام ، وخصائص النظام الرئاسى المتمثل فى وجود رئيس دولة يرأس السلطة التنفيذية ويضع بالاشتراك مع الوزراء السياسة العامة للحكومة فى جميع النواحى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والادارية ويشرف على تنفيذها.
 
واتاح الدستور من الناحية النظرية نوعا من التعاون والرقابة المتبادلة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ، من اهم مظاهرها ما خوله الدستور لاعضاء مجلس الامة من حق توجيه اسئلة واستجوابات للوزراء وحقهم فى ان يطلبوا طرح موضوع عام للمناقشة ، وحقهم فى ابداء رغبات او اقتراحات للحكومة فى المسائل العامة ، وحق مجلس الامة فى تقرير عدم الثقة باحد الوزراء . اما مظاهر رقابة رئيس الجمهورية على السلطة التشريعية ، فقد تمثلت فى حق رئيس الجمهورية فى دعوة مجلس الامة للانعقاد وفض دورته ، وحقه فى اقتراح القوانين ، وحقه فى حل مجلس الامة .
 
3)       الدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة 1958 :
صدر هذا الستور المؤقت بعد قيام الوحدة بين مصر وسوريا 1958 ، وقد صدر بتاريخ 5 مارس 1958 حيث ترتب على اعلان الوحدة سقوط دستور 1956. وقد جاء دستور 1957 شبيها فى كثير من مواده لدستور 1956 وخاصة فى شكل نظام الحكم والعلاقة بين السلطات حيث اخذ بالنظام الجمهورى ، وكان لرئيس الدولة نفس سلطات الرئيس فى دستور 1956 ، ولكن تم النص ايضا على انشاء مجلسين تنفيذيين احدهما للاقليم المصرى والاخر للاقليم السورى يعين اعضاؤهما بقرار من رئيس الجمهورية ، ويختص كل منهما بدراسة وفحص الموضوعات التى تتعلق بتنفيذ السياسة العامة للاقليم .
اما بالنسبة للسلطة التشريعية فكان مقرها مجلس الامة ، ونص الدستور على ان يتم اختيار اعضاء المجلس بقرار من رئيس الجمهورية ويشترط ان يكون نصفهم على الاقل من بين اعضاء مجلس النواب السورى ومجلس الامة المصرى .
 
4)       دستور 1964:
بعد وقوع انقلاب عسكرى فى سوريا فى 27 سبتمبر 1961 وانفصالها عن الجمهورية العربية المتحدة ، صدر اعلان دستورى فى 27 سبتمبر 1962 عُنى بتنظيم سلطات الدولة العليا دون ان يتضمن اى نصوص تتعلق بالاوضاع الاجتماعية او الاقتصادية فانشأ مجلسا للرئاسة ومجلسا تنفيذيا لمساعدة رئيس الجمهورية فى ادارة شئون البلاد.
وفى مارس 1964 صدر دستور جديد للبلاد نص على انهاء العمل بدستور 1958، والاعلان الدستورى الصادر فى سبتمبر 1962. وبالرغم من تشابه عدد كبير من مواد هذا الدستور مع مواد دستور 1956 الا انه تزامن مع مرحلة التحول الاشتراكى التى شهدها المجتمع المصرى ومن ثم جاء انعكاسا لها فى بعض مواده. فقد نص فى المادة الاولى للدستور على ان الجمهورية العربية المتحدة دولة ديمقراطية اشتراكية تقوم على تحالف قوى الشعب العاملة وان النظام الاقتصادى للدولة هو النظام الاشتراكى ، كما نص على اقامة قطاع عام قوى وقادر يقوم التقدم فى جميع المجالات ويتحمل المسئولية الرئيسية فى خطة التنمية.
وبالنسبة لسلطات الدولة فقد نص الدستور على ان مجلس الامة هو الهيئة التى تمارس السلطة التشريعية ، ويتم اختيار اعضائه عن طريق الانتخاب السرى العام ، الا ان الدستور الجديد اعطى لرئيس الجمهورية ان يعين عددا من الاعضاء لا يزيد عددهم على عشرة اعضاء ، واشترط ان يكون نصف اعضاء المجلس على الاقل من العمال والفلاحين . اما ماعدا ذلك فقد تطابقت نصوص ذلك الدستور مع نصوص دستور 1956 فيما يتعلق بسلطات رئيس الجمهورية والعلاقة بين السلطة التنفيذية والتشريعية. واستمر العمل بهذا الدستور حتى اعلان الدستور الدائم عام 1971 فى عهد الرئيس انور السادات .







التعليقات

الآراء الواردة تعبر عن رأي صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

الأكثر قراءة

الموجة الرابعة للتحول الديمقراطي: رياح التغيير تعصف بعروش الدكتاتوريات العربية - عدد القراءات : 82165


عقوبات التزوير في القانون المصري - عدد القراءات : 82024


تعريف الحكومة وانواعها - عدد القراءات : 58236


النظام السـياسي الفرنسي - عدد القراءات : 55389


طبيعة النظام السياسي البريطاني - عدد القراءات : 53718


مفهوم المرحلة الانتقالية - عدد القراءات : 51524


معنى اليسار و اليمين بالسياسة - عدد القراءات : 47946


مفهوم العمران لابن خلدون - عدد القراءات : 47657


ما هى البورصة ؟ و كيف تعمل؟ وكيف تؤثر على الاقتصاد؟ - عدد القراءات : 45976


منظمة الفرانكفونية(مجموعة الدول الناطقة بالفرنسية) - عدد القراءات : 45552


الاكثر تعليقا

هيئة الرقابة الإدارية - عدد التعليقات - 38


اللقاء العربي الاوروبي بتونس من أجل تعزيز السلام وحقوق الإنسان - عدد التعليقات - 13


ابو العز الحريرى - عدد التعليقات - 10


الموجة الرابعة للتحول الديمقراطي: رياح التغيير تعصف بعروش الدكتاتوريات العربية - عدد التعليقات - 9


لا لنشر خريطة مصر الخاطئة او التفريط في شبر من أراضيها - عدد التعليقات - 7


الجهاز المركزي للمحاسبات - عدد التعليقات - 6


تعريف الحكومة وانواعها - عدد التعليقات - 5


الليبرالية - عدد التعليقات - 4


محمد حسين طنطاوي - عدد التعليقات - 4


أنواع المتاحف: - عدد التعليقات - 4


استطلاع الرأى