الخميس,19 مارس 2015 - 12:00 ص
: 17671

أثار قرار إثيوبيا البدء في تحويل مجرى مياه النيل الأزرق تمهيدا لبناء سد النهضة أو سد الألفية غضب الأوساط المصرية الشعبية التي تخشى تجفيف نهر النيل ذلك الينبوع الحيوي،
fiogf49gjkf0d
وتعود أزمة تحويل مجرى النيل إلى مايو 2010 عندما قررت 6 من دول منابع النهر التوقيع في مدينة عنتيبي الأوغندية على معاهدة جديدة لاقتسام موارده ومنحت القاهرة والخرطوم مهلة عاما واحدا للانضمام إلي المعاهدة. وتنص «اتفاقية عنتيبي» على أن التعاون بين دول مبادرة حوض النيل يعتمد على الاستخدام المنصف والمعقول للدول. واتخذت الدول الأعضاء مؤخرا إجراءات التصديق عليها من برلماناتها وبمجرد سريانها تنتهي الحصص التاريخية لمصر والسودان وفقا لاتفاقيات 1929 و1959 والتي بموجبهما تحصل مصر حتى الآن على 55,5 مليار متر مكعب من المياه سنويًا، والسودان 18،5 مليار. ووقعت على هذه الاتفاقية 6 دول هي إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا وبوروندي، بينما رفضت كل من مصر والسودان والكونغو الديمقراطية الانضمام إليها.
وفي مارس 2013، أعلنت دولة جنوب السودان أنها ستنضم إلى الاتفاقية. واعتبرت القاهرة والخرطوم أن الاتفاقية مخالفة لكل الاتفاقيات الدولية وأعلنت أنها ستخاطب الدول المانحة للتنبيه على عدم قانونية تمويل أي مشروعات مائية، سواء على مجري النيل أو منابعه وإقناعها بعدم تمويل المشروع الذي سيتكلف نحو 4.8 مليار دولار أمريكي، حسب رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل مليس زيناوي.
كن إثيوبيا، وباقي دول اتفاقية عنتيبي، لم تعطي احتجاجات القاهرة والخرطوم اهتماما ومضت بخطى حثيثة ودشنت في أول أبريل 2011 مشروع سد الألفية الكبير أو سد النهضة لإنتاج الطاقة الكهرومائية بولاية بني شنقول الإثيوبية القريبة من الحدود السودانية. ومن المتوقع أن يحجز السد، المزمع الانتهاء منه نهاية مايو الجاري، خلفه نحو 63 مليار متر مكعب من المياه.
وبعد ثورة 25 يناير 2011،كانت قيادات شعبية مصرية قد طالبت بضرورة معالجة هذا الملف الحيوي والتعامل معه بموضوعية بعيدا عن التعالي الذي اتسمت به طريقة تعامل حكومات الرئيس السابق حسني مبارك .ومن ثم أرسلت مصر في 29 أبريل 2011، وفد الدبلوماسية الشعبية المكون من قيادات سياسية وحزبية ومن شباب الثورة وشخصيات عامة لمناقشة مشروع السد الألفية. ومع وجود هذه المقدمات، بوغت المصريون بالقرار لصدوره بعد ساعات من زيارة الرئيس المصري محمد مرسي لأديس أبابا والتي التقى خلالها برئيس الوزراء الإثيوبي هايلى ماريام ديسالن، على هامش مؤتمر القمة الأفريقية
إن الدراسات التي قدمها الجانب الإثيوبي بشأن السد لم تكن كافية لإثبات عدم الضرر على مصر من بناءه ، وهو ما سيدفع باللجنة الثلاثية إلى المطالبة بإجراء دراسات إضافية يقوم بها الخبراء الدوليون في اللجنة، وعددهم 4 خبراء .وتتكون اللجنة من 6 أعضاء محليين، (اثنان من كل من مصر والسودان وإثيوبيا)، و4 خبراء دوليين في مجالات هندسة السدود وتخطيط الموارد المائية، والأعمال الهيدرولوجية، والبيئة، والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للسدود.
إن أجواء التعامل مع ملف السد تغيرت، حيث كان يتم في السابق التعامل مع هذا الملف على خلفية علاقات سياسية متوترة، وتفاعل سلبي بين الجانبين، في ظل وجود قطيعة على مستوى رأس الدولة منذ محاولة اغتيال مبارك عام 1995، لكن الأجواء تغيرت بعد ثورة 25 يناير، وأصبح هناك تفاعل على المستويين الرسمي والشعبي وزيارات متبادلة بين الجانبين.
إذا تمكنا من إقناعهم بملء البحيرة على 40 أو 30 عاما أو حتى 20 سنة، فإن ذلك سيقلل من الأضرار التي ستصيب كلا من مصر والسودان، أما إذا صمموا على أن تملأ في غضون خمس أو سبع سنوات فهذا يعني تجفيف ما بين 61 إلى 65 مليار متر مكعب كانت تصل إلى مصر والسودان من إجمالي 85 مليارا ،. ولم تفتح تركيا صنبور المياه إلا قليلا في عام 2009 على إثر مفاوضات بين الدول الثلاث، اشتكت خلالها سوريا والعراق من أن سد أتاتورك يخنق البلاد خاصة بعد أن سادت حالة من الجفاف آنذاك. باتت قضية المياه واحدة من أهم واخطر القضايا التي تواجه مصر في الوقت الراهن، بل والمستقبل أيضا وزاد من خطورتها مشروع اثيويبا في بناء شبكة من السدود علي النيل الأزرق دون النظر إلي مصلحة مصر والسودان كدولتي مصب
وبعد انتهاء الحرب الأهلية في إثيوبيا تتجه أنظار الحكومة إلي التنمية الداخلية مما جعلها تفكر في مياه النيل. ولا جدال أن إقامة هذه السدود تعد تحديا كبيرا يواجه الزراعة المصرية بإحداث عجز مائي ينتج عنه نقص في إنتاج الغذاء، إضافة إلي نقص الكهرباء المولدة من السد العالي وخزان أسوان والتي سوف تقل بحوالي 500 ميجاوات سنويا. تلك الأهمية دفعت وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام إلي عقد ندوة أدارها هانئ رسلان رئيس الوحدة استضاف فيها الدكتور محمد نصر علام وزير الري والموارد المائية السابق باعتباره كان مسئولا عن إدارة ملف هذه القضية في واحدة من اخطر مراحله بعد أن دبت الخلافات العميقة حول عدد من البنود الهامة والخطيرة والذي قدم ورقة تناولت مراحل القضية وموقف مصر منها.في البداية أشارت الورقة ان هناك مظاهر وهن في العصر الحديث ظهرت في مصر منها: تخلفها عن الركب العلمي والتكنولوجي انتشار الفساد وتدهور الخدمات، تخلف اقتصادي واجتماعي وثقافي، تدهور في ملفات السياسة الخارجية: فشل الوساطة المصرية (فلسطين، لبنان، الصومال، السودان)، صفر المونديال وغيرها.إضافة إلي وجود تغيرات سياسية بدول حوض النيل مثل: بزوغ شمس أثيوبيا وأوغندا والدعم الدولي لهما، زيادة دور إسرائيل بدول المنبع وضعف التواجد المصري، الضغط علي مصر في ملفها الأهم وهو حوض النيل من خلال مبادرة حوض النيل. وقالت الورقة إن كميات الأمطار 1700 مليار متر مكعب يصل منها 84 مليار إلي مصر والسودان ثلثها بالهضبة الاستوائية، ومثله في جنوب السودان، والأخير في الهضبة الإثيوبية، وان 85% من تصرفات النهر الواردة من وإلي مصر والسودان تأتي من الهضبة الأثيوبية، 15% يأتي من الهضبة الاستوائية وجنوب السودان، إضافة لمصادر أخري بمعظم دول الحوض،فواقد البرك والمستنقعات في الحوض تصل إلي 150 مليار متر مكعب سنويا، تأثير مشاريع الهضبة الاستوائية علي حصتي مصر والسودان محدودة ولا تتعدي 10-15%، وتأثير مشاريع الهضبة الإثيوبية والسودان بالغة علي مصر وتبلغ حوالي 90%.
إما الوضع المائي المصري فان نهر النيل هو المورد الرئيسي للمياه في مصر بحصة سنوية مقدارها 55.5 مليار متر مكعب والأمطار لا تتعدي مليار متر مكعب في السنة علي الساحل الشمالي وساحل البحر الأحمر وبعض مناطق سيناء فيما المخزون الجوفي في الصحراء الغربية غير متجدد ولا يسمح بأكثر من 3-5 مليار متر مكعب سنوياً لمدة 50 – 100 عاماً التحلية تكلفتها عالية ولا يزيد كمياتها حالياً عن 200 مليون متر مكعب ولكن الاحتياجات المائية تزيد علي 75 مليار متر مكعب سنوياً بما يفوق كثيراً الموارد المتاحة بـ 30% ويتم تغطية العجز عن طريق إعادة الاستخدام نصيب الفرد من المياه أقل من 700 متر مكعب سنويا، وقد بلغت الفجوة الغذائية إلي 6 مليار دولار عام 2009 والآن أكثر نتيجة لزيادة أسعار المحاصيل وللزيادة السكانية، ولكن مع 2050 والزيادة السكانية فان نصيب الفرد 350 متر مكعب سنويا.
وحول تأثير مشاريع أعالي النيل تتمثل في: فقدان مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، انخفاض كهرباء السد العالي وخزان أسوان وقناطر إسنا ونجع حمادي، توقف العديد من محطات مياه الشرب التي علي النيل والعديد من الصناعات، تأثر محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز وتعتمد علي التبريد من مياه النيل، تدهور نوعية المياه في الترع والمصارف، تداخل مياه البحر في المنطقة الشمالية، وتدهور نوعية المياه في البحيرات الشمالية.
أن تنظيم استخدامات مياه النهر حددته العديد من الاتفاقات والمعاهدات الدولية بما يحافظ علي بقاء دولتي المصب واعتمادهما الكامل علي النهر وهي: بروتوكول 1891 بين بريطانيا وإيطاليا بعدم إقامة أي منشآت علي نهر عطبرة،معاهدة 1902 الحدودية بين إمبراطور إثيوبيا وبريطانيا لعدم إقامة أي منشآت علي النيل الأزرق أو السوباط دون موافقة مصر والسودان، اتفاقية 1906 بين بريطانيا والكونغو بعدم إقامة أي منشات علي نهر سمليكي، اتفاقية 1929 بين مصر وبريطانيا ممثلة لدول الهضبة الإستوائية والسودان بعدم إقامة أي مشروعات علي النيل أو روافده أو البحيرات إتفاقية 1934 بين بريطانيا وبلجيكا لتنظيم استخدامات المياه علي نهر كاجيرا، المذكرات المتبادلة بين مصر وبريطانيا 1952 - 1953 لإنشاء سد أوين في إطار اتفاقية 1929، اتفاقية مصر والسودان لعام 1959.
- تأثير السدود الإثيوبية علي مصر
وحول تأثير السدود الإثيوبية علي مصر قال إن هناك عنصرين رئيسيين يتمثلان في السعة التخزينية للسد وفي استهلاك المياه في الزراعات المروية، فكلما زادت السعة التخزينية وزادت المساحة المروية زادت الآثار السلبية. السعة التخزينية للسدود ستكون خصما من مخزون المياه أمام السد العالي الذي يستخدم لسد العجز المائي لا يراد النهر في السنوات التي يقل فيها الإيراد عن قيمته المتوسطة، وبالتالي سيظهر بعد إنشاء هذا السدود ظاهرة الجفاف والعجز المائي في سنوات الفيضان المنخفضة كما كان الوضع قبل بناء السد العالي، أما المياه التي سوف تستخدم للري ستكون خصما مباشرا من حصتي مصر والسودان السنوية. والعنصر الثانوي الذي قد يؤثر أيضا في إيراد النهر ولكن بدرجة أقل كثيرا يتمثل في السياسة التشغيلية للسدود.
وقد أظهرت نتائج الدراسات المصرية الحديثة للسدود الأثيوبية أنه حتي في حالة قيام أثيوبيا بإنشاء هذه السدود وملئها خلال فترة 40 عاما كاملة فإنها سوف تتسبب في حدوث عجزا مائيا لدولتي المصب أثناء سنوات الملء وأن هذا العجز سوف يحدث مرة علي الأقل كل 4 سنوات ويصل العجز المائي إلي 8 مليار متر مكعب في السنة كحد أقصي وذلك في حصة مصر وحدها ويحدث عجزا مماثلا في حصة السودان، وسوف تقل الكهرباء المولدة من السد العالي وخزان أسوان بحوالي 20% سنويا (600 ميجاوات سنويا).
وبعد الفترة المقترحة للإنشاء والملء واستخدام السدود لتوليد الطاقة فقط فان نسبة حدوث العجز سوف تقل إلي مرة كل 8 سنوات مع زيادة في قيمة العجز الأقصى من 8 مليار متر مكعب ألي 14 مليار متر مكعب من حصة مصر وحدها ومثلها السودان ويصبح متوسط النقص في إنتاج كهرباء السد العالي وخزان أسوان حوالي 500 ميجاوات في السنة. أما في حالة استخدام مياه السدود في الأغراض الزراعية فسوف يزداد نسبة حدوث العجز المائي ليصبح مرتين كل 5 سنوات بواقع (مرة كل 2.5 سنة) ويصل العجز إلي 19 مليار متر مكعب سنويا كحد أقصي في حصة مصر ومثلها السودان (أكبر من إجمالي حصة السودان التي تبلغ 18.5 مليار متر مكعب)، ويقل إنتاج الكهرباء من السد العالي وخزان أسوان بحوالي 1000 ميجاوات سنويا. وفي الآونة الأخيرة أطلقت أثيوبيا اسم سد النهضة أو سد الألفية علي سد بوردر بسعة تصل أكثر من 60 مليار متر مكعب وبارتفاع يصل الي 150 مترا وقدرة توليد كهربية تزيد عن 5000 ميجاوات أي أكثر من ضعف السد العالي مما يضاعف من أثاره السلبية علي كل من مصر والسودان. ومن الملفت للنظر أن دراسات وتصميمات هذا السد قد تمت في سرية تامة وفي غفلة من مبادرة حوض النيل وبدون علم مصر والسودان. فيما أكد هنري فيرهوفن طالب الدكتوراه بجامعة اكسفورد بالمملكة المتحدة في بحث نشره المعهد الملكي البريطاني للشئون الدولية يونيو 2011: ان السدود الأثيوبية تمثل مكونارئيسيا من إستراتيجية أثيوبية قومية لتحويل أثيوبيا من دولة ضمن أشد دول العالم فقرا حاليا حيث يقع ترتيبها رقم 171 من 182 دولة علي مستوي العالم الي مصاف الدول متوسطة الدخل بحلول فترة 2020-2025. تقدر كميات الطاقة الكهرومائية التي يمكن توليدها علي الأنهار المختلفة في أثيوبيا، حوالي 45000 ميجاوات منها 20000 ميجاوات من النيل الأزرق وروافده. اضافة الي أهداف أخري منها اعطاء دور القيادة لأثيوبيا في منطقة القرن الأفريقي وحوض النيل، واحتكار الطاقة الكهربية في المنطقة، واستغلال السدود في الزراعات المروية في أثيوبيا وخاصة في حوض النيل الأزرق باحتياجات مائية في حدود 5 مليار متر مكعب سنويا.
- خريطة الطريق
ان السودان شمالا وجنوبا أهم شريك لمصر في المستقبل المنظور فكلاهما يحتاج لدعم وخبرة واستثمارات مصر، لديهما الموارد المائية والتي من الممكن أن تزيد ايراد النهر، وبهما الأراضي الصالحة للزراعة والرعي، وبهما ثروات من المواد الخام، يمثلان سوقا واعدة للصناعة المصرية الناهضة وللعمالة المصرية الماهرة،ان الوحدة بينهما ستؤدي الي إجهاض مايحاك حاليا عل المستوي الاقليمي والدولي لتقطيع أوصال السودان واجهاض محاولات الوقيعة بين البلدين للاستفراد بهما واحد بعد الأخر. ضرورة قيام الهيئة الفنية المشتركة بالبلدين بمناقشة الأثار السلبية للسدود الأثيوبية عليهما واستعراض نتائج الدراسات المصرية والسودانية في هذا الشأن وتوحيد الرؤي نحو هذه السدود من منطلق اطار اتفاقية 1959 التي تحكم العلاقة المائية بين البلدين.
- أهمية السدود لأثيوبيا
وعن اهمية السدود التي تنوي أثيوبيا إقامتها قالت الورقة انها تمثل حلما أثيوبيا قديما للتحكم في مياه النيل الأزرق، تحقيق أرباح من خلال تصدير الطاقة الكهربائة للدول المجاورة، ان تصبح أحد المصادر الرئيسية للدخل القومي بالعملة الصعبة للمساهمة في نقلة اقتصادية واجتماعية لأثيوبيا تعظيم دورها السياسي بالقرن الأفريقي وحوض النيل كمنتج رئيسي للطاقة في المنطقة. صافي ربح سد مندايا وحده يصل 7 مليار دولار من خلال انتاج الكهرباء وتصديرها الي دول الجوار، قد تزيد الأرباح عن ذلك كثيرا لسد النهضة الذي يفوق سد مندايا في السعة وفي انتاج الكهرباء. ولكن عادت الورقة واوضحت انه لن تكون هناك جدوي اقتصادية لهذه السدود بدون مباركة مصر والسودان لهذا المخطط وشرائهما جزءا كبيرا من كهرباء هذه السدود. لا يتوفر لأثيوبيا حاليا، البنية الأساسية والشبكات اللازمة لاستيعاب ونقل واستخدام معظم الكهرباء الناتجة عن هذه السدود. بدون مشاركة مصر والسودان لا يوجد مستخدم اخر لهذه الكميات الضخمة من الكهرباء الا من خلال نقلها عبر أراضي السودان أو مصر. عدم مشاركة مصر والسودان سيؤدي حتما الي تعطيل مخطط انشاء السدود الأثيوبية علي الأقل حتي يتم استكمال البنية التحتية الأثيوبية الكافية لاستيعاب كميات الكهرباء الضخمة التي ستولدها هذه السدود، وقد يستغرق ذلك عدة عقود من الزمن. مع العلم ان التحرك المصري الدولي والاقليمي نحو قضية السدود كان قد بدأ بالفعل منذ النصف الثاني من العام المنقضي. وقد رفضت مصر دراسات الجدوي لهذه السدود لعدم الأخذ في الاعتبار الاثار السلبية علي دولتي المصب. كما تم ارسال ملاحظات مصر علي الأثار السلبية لهذه السدود الي سكرتارية مبادرة حوض النيل، والي المكتب الفني لحوض النيل الشرقي، والي البنك الدولي والسوق الأوربية، والي الاستشاري الكندي لمبادرة حوض النيل، والي المكتب الاستشاري النرويجي الذي يقوم بدراسات الجدوي والدراسات التصميمية للسدود. الاستمرار في الحوار مع المانحين ومع الصين توضيحا للأثار السلبية العديدة لهذه السدود وتأثيراتها العنيفة علي كل من مصر والسودان وأن هذا الموقف ليس ضد التنمية في أثيوبيا بل حماية لحقوقنا المائية ومستقبل أمتنا. حددت الورقة ايضا محاور الرؤية الخاصة بالسدود الأثيوبية في: الحوار مع أثيوبيا حول مخطط السدود كلها وليس سدا واحدا فقط وأثارها السلبية علي دولتي المصب، طرح بدائل فنية للسدود الأثيوبية الضخمة لا تسبب أضرار مؤثرة علي دولتي المصب، مقاطعة مصر والسودان للسدود وعدم المشاركة فيها، التواصل مع المجتمع الدولي وخاصة الجهات المشاركة في تمويل أو تنفيذ هذه السدود والقوي السياسية حول أثار هذه السدود السلبية.
كما ان الاتفاقية الاطارية لمبادرة حوض النيل في شكلها الحالي لا يمكن لمصر توقيعها لنواقصها العديدة، لا تعفي هذه الاتفاقية دول المنبع من التزاماتهم القانونية في الاتفاقيات القائمة نحو مصر والسودان، الاتفاقية الاطارية في وضعها الحالي بدون مشاركة مصر والسودان تفقد معظم مميزاتها لدول المنبع لأنها لا تحقق لهم التحلل من الاتفاقيات القديمة القائمة مع كل من مصر والسودان ولا تحقق لهم الا مكاسب سياسية محلية محدودة. ايضا الدول التي وقعت الاتفاقية الاطارية منهم خمسة في الهضبة الاستوائية يجمعهم بالفعل تجمع دول شرق أفريقيا ولن تضيف لهم في رأيي أي جديد، وهناك أيضا تجمع مماثل لدول بحيرة فكتوريا ليست له الفاعلية المأمولة بالرغم من مرور سنوات طويلة علي انشائه. والدولة السادسة التي وقعت علي الاتفاقية الاطارية هي أثيوبيا والتي لا تشترك مع الدول الاستوائية في الحوض المائي بل تقع هي واريتريا في منبع الحوض الشرقي لنهر النيل وليس بينها وبين بقية دول المنبع الأخري أي قواسم مشتركة داخل الحوض. من صالح دول المنبع قبل دولتي المصب العودة الي مائدة المفاوضات للاتفاق حول النقاط العالقة في الاتفاقية الاطارية والعودة العادلة الواعدة لن تتأتي الا بالاتفاق أولا بين دول الحوض علي تجميد الاتفاقية لفترة زمنية معقولة يتم الاتفاق عليها يتم خلالها العودة الي التفاوض الجاد حول النقاط العالقة.في حالة رفض دول المنبع العودة للمفاوضات الجادة فانني أري أن تقوم مصر بالتنسيق والمشاركة مع السودان باغلاق ملف الاتفاقية الاطارية نهائيا وعدم الالتفات الي أي مناقشات حولها وفي حالة العودة الي المفاوضات فانني أري أنه هناك عدة مرتكزات للتفاوض تشمل مايلي: حق جميع دول الحوض استغلال مياه النهر للتنمية الاقتصادية لمجتمعاتهم.أن الوضع المائي في دولتي المصب حرج جداً بل أن العديد من الاحتياجات المائية الحالية في مصر لا يتم الايفاء بها حاليا، أن مبدأ عدم الاضرار لا معني له وغير قابل للتطبيق بدون الاقرار بالممارسات التاريخية لاستغلال مياه النهر لدول الحوض كافة، ان تضمين الاجراءات التنفيذية للأخطار المسبق في الاتفاقية الاطارية ضرورة قصوي لاجراءات التفاوض والموافقة علي أي مشاريع تقام علي الأنهار المشتركة، أن المشروع الأهم في حوض النيل هو إستقطاب الفواقد المائية الهائلة والتي تزيد عن 150 مليار متر مكعب ويجب الأعداد لهذا المشروع وتسويقة للجهات المانحة وأن يكون هذا المشروع مدخلاً لاقامة محاور تنمية رئيسية في دول المنبع وأن يكون هناك توافقا بين دول الحوض علي تعريف مبدأ التوافق والذي شهد انقساما كبيراً في تعريفه ما بين دول المنبع ودولتي المصب في اجتماعات المبادرة. لقد أدت المشاكل المصاحبة للاتفاقية الاطارية الي:توقف اجتماعات حوض النيل الشرقي، غابت مصر والسودان عن جميع اجتماعات النيل الجنوبي، وأصبحت اجتماعات المجلس الوزاري واللجنة الفنية الاستشارية مظهرا لانقسام دول الحوض مابين دول المنبع ودولتي المصب. تعمل دول المنبع علي التصديق المنفرد علي الاتفاقية الإطارية لتحويل المبادرة إلي مفوضية لإعادة توزيع الحصص المائية في غياب دولتي المصب، وسيتم نقل جميع أصول المبادرة إلي المفوضية المزمع إنشاءها بدون مصر والسودان. في حالة عدم الوصول إلي اتفاق مناسب مع دول المنبع للعودة إلي مائدة التفاوض وإصرار هذه الدول علي الاتفاقية الإطارية بشكلها الحالي،