fiogf49gjkf0d
تقع مدينة عين العرب (كوباني باللغة الكردية) على بعد نحو 160 كيلومترا عن محافظة حلب شمال غرب سوريا على الحدود السورية التركية.
وتاريخيا، كانت عين العرب عبارة عن قريتين متجاورتين (كانية عربان وكانية مرشد)، وتحوّلت مع مرور الوقت إلى مركز تحوّل في ما بعد إلى مدينة ألحقت بها نحو 440 قرية صغيرة، ويقطنها أكثر من ثلاثمائة ألف نسمة أغلبيتهم من الأكراد السنة.
وفي عهد الانتداب الفرنسي كانت عين العرب مركزا مهما، حيث اهتم بها الفرنسيون، وخططوا شوارعها، وما تزال الكثير من المباني الفرنسية قائمة حتى اليوم مثل بعض الدوائر الحكومية الرسمية (السرايا).
وينتمي سكانها إلى مجموعة من القبائل (كيتكان، وشيخان وشدادان، وميران، وبيشان، وعليدينان، ومعفان زرواران، وعاصيان، وديدان، ودنان، وقره كيجان أوخيان)، وقد اتحدوا جميعا تحت اسم "اتحاد قبائل برازي".
وتعتمد عين العرب بشكل رئيسي على الزراعة، وتعتبر من أكثر الأراضي السورية خصوبة، وتشتهر بزراعة القمح والشعير والعدس والكمون، بالإضافة إلى زراعة أشجار الزيتون والفستق الحلبي بمساحات واسعة.
وينتمي عدد كبير من سكانها إلى حزب العمال الكردستاني، وشارك عدد من أبنائها في المعارك التي خاضها الحزب في تركيا.
في يناير 2014 أقام الأكراد نظام "إدارة ذاتية" للمنطقة التي تعرضت في سبتمبر 2014 لهجوم من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الذين تصدت لهم قوات حماية الشعب الكردية، غير أن التنظيم تمكن من السيطرة على عشرات القرى التابعة للمدينة، مما أدى إلى نزوح عشرات آلاف الأكراد إلى تركيا.
وفي صباح الأحد الخامس من أكتوبر 2014، بدأ التنظيم يسيطر على "تل مشتى النور" المطل على المدينة وقصفها قصفا عنيفا.
الأطراف المتحاربة
استقطبت هذه المدينة الملاصقة للحدود السورية التركية اهتمام العالم مع بدء تنظيم الدولة الإسلامية محاولته للسيطرة عليها يوم 2 يوليو 2014، موسعا لأول مرة معركته داخل سوريا لتشمل المناطق الكردية.
وسرعان مع باتت المدينة محورا للصراع في سوريا مع مشاركة طائرات التحالف الدولي الذي تشكل لقتال تنظيم الدولة في مناطق انتشاره بقصف مواقع مقاتليه في المدينة.
كما أدى إلى زيادة الاهتمام بها موقفُ تركيا الحذر وترددُها في السماح لأكراد العراق بمؤازرة نظرائهم المقاتلين داخل المدينة.
أطراف عدة توحدت لقتال تنظيم الدولة في عين العرب (كوباني)، منها المحلي: وحدات حماية الشعب الكردية، والجيش السوري الحر ومنها الإقليمي: البشمركة التابعون لأكراد العراق، ومنها الدولي: التحالف المناهض لتنظيم الدولة والمكون من دول كبرى، بينها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، وأخرى عربية كالسعودية والإمارات والأردن. ويتولى التحالف الدولي مؤازرة الأكراد وحلفائهم عبر عمليات قصف جوي.
البشمركة
البشمركة جماعات مسلحة كردية تعني "الفدائيين". تأسست في العراق أوائل القرن العشرين، وشنت حرب عصابات ضد الحكومات المركزية المتعاقبة في بغداد.
وساندت البشمركة القوات الأميركية والبريطانية خلال غزوها للعراق عام 2003، وأصبحت نواة لجيش إقليم كردستان العراق.
النشأة والتأسيس
تأسست البشمركة بداية عشرينيات القرن العشرين كمجموعات مقاتلة، وسعت في مرحلة انهيار الخلافة العثمانية إلى فرض سيطرتها على أراض يقيم فيها أتراك بالعراق وإيران.
وشاع استخدام اسم البشمركة بعد أن أطلقه السياسي والمثقف الكردي العراقي إبراهيم أحمد على الجناح العسكري للحزب الديمقراطي الكردي الذي شارك بتأسيسه.
وتحول المصطلح في فترات تالية لمرادف للأجنحة العسكرية للأحزاب والحركات السياسية الكردية بالعراق وسوريا وإيران وتركيا.
الفكر والأيديولوجيا
ترتبط التوجهات الفكرية والأيديولوجية للبشمركة بالأحزاب والحركات التي تنتمي إليها، وتتراوح الأطر الفكرية لهذه الجماعات الكردية بين القومية واليسارية والإسلامية. وتمثل فكرة إقامة دولة مستقلة للأكراد الخيط الناظم بين كل هذه الأطر الأيديولوجية.
المسار السياسي
في خريف 1961، بدأت المواجهات بين البشمركة والحكومة العراقية بإعلان زعيم الحزب الديمقراطي الكردي الملا مصطفي البارزاني تمرده على بغداد، وإطلاقه حرب عصابات ضدها.
وفي مارس 1970، جرى الإعلان عن انتهاء المواجهات بين العراق ومقاتلي البشمركة بتوقيع البارزاني، وصدام حسين نائب رئيس مجلس قيادة الثورة العراقية، على اتفاقية سمحت للأكراد بمنطقة حكم ذاتي بثلاث محافظات في الشمال هي السليمانية وأربيل ودهوك، كما منحتهم حق المشاركة بالحكومة العراقية.
ودخل اتفاق صدام والبارزاني حيز التطبيق عام 1975 بعد خضوع الأكراد للحكومة العراقية نتيجة تخلي شاه إيران محمد رضا بهلوي عنهم، وتوقيعه اتفاقية الجزائر مع صدام.
وأفرز هذا الواقع تأسيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني قوات بشمركة جديدة بقيادته.
دعمت البشمركة إيران خلال حربها مع العراق بين عامي 1980 و1988، وبعد تأسيس منطقة الحظر الجوي عقب حرب الخليج الثانية عام 1991 سيطرت البشمركة على كامل المناطق الكردية في العراق.
شهد عقد تسعينيات القرن العشرين مواجهات دموية بين بشمركة الحزب الديمقراطي الكردستاني ونظيرتها التابعة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني.
وأنهت اتفاقية واشنطن عام 1998 هذه المواجهات بمصالحة زعيمي الحزبين مسعود البارزاني وجلال الطالباني.
وبعد أحداث 11 سبتمبر/ 2001 خاض مقاتلو البشمركة مع قوات خاصة أميركية معارك ضد جماعة أنصار الإسلام في شمالي العراق.
وساندت البشمركة قوات الغزو الأميركي البريطاني للعراق في مارس/ آذار 2003. وتولت بعد سقوط صدام مسؤولية الأمن الكاملة بالمناطق الكردية. وشاركت الجيش الأميركي في معظم عملياته داخل العراق، وأعلنت في أغسطس/ آب 2003 اعتقالها طه ياسين رمضان نائب صدام.
وتحولت البشمركة لنواة جيش إقليم كردستان العراق بعد تأسيسه عام 2005. وسمح لها دستور الإقليم الجديد بالقيام بعمليات في الأراضي العراقية، في حين منع وجود أي جندي عراقي بأراضي الإقليم الكردي إلا بإذن من حكومته.
وتتراوح تقديرات عدد عناصر البشمركة بين 150 ألفا وثلاثمائة ألف.
وفي يونيو 2014، أمّنت قوات البشمركة أراضي كركوك وشمالي الموصل بمواجهة زحف تنظيم الدولة الإسلامية بعد انهيار القوات العراقية في مناطق بشمال وغرب البلاد.
وفي أغسطس 2014، باشر مستشارون عسكريون أميركيون دعم قوات البشمركة والجيش العراقي لإنقاذ آلاف الإيزيديين الفارين من تنظيم الدولة الإسلامية.
وبدأ الطيران الأميركي توجيه ضربات لتنظيم الدولة بعد اقترابه من أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، بينما تخوض البشمركة حربا ضد التنظيم الذي يسيطر على عدة مناطق بشمال وغرب العراق.
تنظيم الدولة الإسلامية
تعود أصول تنظيم الدولة الإسلامية التي كانت تسمى سابقا "الدولة الإسلامية في العراق والشام" إلى تيار السلفية الجهادية وهو يضم عناصر من جنسيات مختلفة تقاتل في العراق وسوريا على جبهات متعددة. وهو يؤكد أنه يمثل الدولة الإسلامية وبالتالي فهو الأجدر بالبيعة والولاء.
التأسيس والزعامة
تعود جذور تنظيم الدولة المعروف في الإعلام باسم "داعش" إلى جماعة التوحيد والجهاد التي أسسها الأردني أبو مصعب الزرقاوي في العراق عام 2004 بعد غزوه من قبل الولايات المتحدة الأميركية.
وفي عام 2006 أعلن الزرقاوي مبايعته زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن ليصبح تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين. كما أعلن في العام ذاته تشكيل مجلس شورى المجاهدين بزعامة عبد الله رشيد البغدادي.
لكن الزرقاوي قتل بغارة أميركية في أواسط العام ذاته فجرى انتخاب أبو حمزة المهاجر زعيما للتنظيم. وتم أيضا "تشكيل دولة العراق الإسلامية" بزعامة أبو عمر البغدادي.
وفي 19 أبريل 2010 قتلت القوات الأميركية والعراقية أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المهاجر. وبعد حوالي عشرة أيام، انعقد مجلس شورى الدولة ليختار أبو بكر البغدادي خليفة له والناصر لدين الله سليمان وزيراً للحرب في دولة العراق الإسلامية.
"تمتع الفرع العراقي للتنظيم بقوة عسكرية ملفتة منذ عام 2006 وبات من أقوى التنظيمات في الساحة العراقية. وبدأ يبسط نفوذه على مناطق واسعة, لكنه تلقى لاحقا ضربات قوية مع ظهور مجالس الصحوات، وهي تجمعات عشائرية أسست لمواجهة تنظيم القاعدة في مناطقها بمساندة القوات الأميركية والحكومة العراقية"
ويعتقد أن أبو بكر البغدادي عراقي يدعى عوض بن إبراهيم البدري السامرائي المولود عام 1971 في مدينة سامراء.
الخلاف
في 9 أبريل 2013، ظهر تسجيل صوتي منسوب لأبو بكر البغدادي يعلن فيه أن جبهة "النصرة" في سوريا هي امتداد لدولة العراق الإسلامية، وأعلن فيه إلغاء اسمي "جبهة النصرة" و"دولة العراق الإسلامية" تحت اسم واحد وهو "الدولة الإسلامية في العراق والشام".
قابلت جبهة النصرة الانضمام إلى تنظيم الدولة في بداية الأمر بتحفظ. إلا أن الخلافات والمعارك بدأت بعد أن اتهمت الجماعات المعارضة الأخرى بما فيها "النصرة" تنظيم الدولة بمحاولة الانفراد بالسيطرة والنفوذ والتشدد في تطبيق الشريعة وتنفيذ إعدامات عشوائية، خاصة أن هذا التنظيم اعترض علنا على طلب أيمن الظواهري -زعيم تنظيم القاعدة- بالتركيز على العراق وترك سوريا لـ"جبهة النصرة".
المقدسي والظواهري
وقد كشف خلاف تنظيم الدولة والنصرة -اللذين يستلهمان فكر القاعدة- واقتتالهما في سوريا عن خلافات أعمق بين قادة تنظيم الدولة وأيمن الظواهري زعيم القاعدة الذي يفترض أنه المرجع القيادي للجماعات الجهادية.
فقد هاجم أبو محمد العدناني -المتحدث باسم تنظيم الدولة- الظواهري في مايو/أيار 2014 نافيا أن يكون التنظيم فرعا من القاعدة قائلا إنها "لم تكن يوما كذلك".
أما عصام البرقاوي (أبو محمد المقدسي) الموصوف بأنه المرجع الروحي للتيارات السلفية الجهادية فانتقد بدوره تنظيم الدولة وحمله مسؤولية فشل الصلح مع جبهة النصرة في سوريا وكال الثناء بالمقابل لزعيم الأخيرة أبو محمد الجولاني.
"فيما يخصّ جنسيات مقاتلي تنظيم الدولة فإن معظم مقاتليه في سوريا هم سوريون لكن قادة التنظيم غالباً ما يأتون من الخارج وسبق أن قاتلوا في العراق والشيشان وأفغانستان وعلى جبهات أخرى. وفي العراق معظم مقاتلي التنظيم هم عراقيون"
القوة العسكرية
تمتع الفرع العراقي للتنظيم بقوة عسكرية ملفتة منذ عام 2006 وبات من أقوى التنظيمات في الساحة العراقية. وبدأ يبسط نفوذه على مناطق واسعة, لكنه تلقى لاحقا ضربات قوية مع ظهور مجالس الصحوات وهي تجمعات عشائرية أسست لمواجهة تنظيم القاعدة في مناطقها بمساندة القوات الأميركية والحكومة العراقية.
أما في سوريا فقد تمكن التنظيم الذي يضم مقاتلين متمرسين ومدربين بشكل جيد من تحقيق إنجازات مهمة على الأرض وتمكن من فرض سيطرته على كل من محافظة الرقة وجزء من ريف دير الزور المحاذية للحدود مع العراق. لكنه بالمقابل خسر نفوذه في مدينة حلب وريفها وأرغم مقاتلوه على إخلائها.
يقدر تشارلز ليستر الباحث في مركز "بروكينغز" في الدوحة عدد مقاتلي تنظيم الدولة في سوريا بما بين ستة آلاف وسبعة آلاف، وفي العراق بما بين خمسة آلاف وستة آلاف. ولم يتسن التأكد من هذه الأرقام من مصادر أخرى.
وفيما يخصّ جنسيات مقاتلي تنظيم الدولة فإن معظم مقاتليه في سوريا هم سوريون لكن قادة التنظيم غالباً ما يأتون من الخارج وسبق أن قاتلوا في العراق والشيشان وأفغانستان وعلى جبهات أخرى. وفي العراق معظم مقاتلي التنظيم هم عراقيون.
ووفق الخبير في الشؤون الإسلامية رومان كاييه -من المعهد الفرنسي للشرق الأوسط- فإن عددا من قادة التنظيم العسكريين عراقيون أو ليبيون.
تتضارب الأنباء بشأن مصادر تمويل هذا التنظيم بين من يتهم نظام أجهزة استخبارات إقليمية بتمويله ومن يقول إن التنظيم في كل من سوريا والعراق يجمع جزءا من موارده المالية عن طريق الجزية والإتاوات التي يفرضها على سكان المناطق التي يسيطر عليها.
لكن المعروف أنه سيطر في سوريا على آبار النفط في دير الزور وصدرت تقارير عن بيعه النفط لتجار محليين وحتى للحكومة السورية.
الموصل وتكريت
نسبت السيطرة على مدينة الموصل -وهي ثاني مدن العراق من حيث عدد السكان- في 11 يونيو 2014 وتكريت إلى تنظيم الدولة الإسلامية, لكن المراقبين يستبعدون ذلك نظرا لقلة عدد مقاتلي التنظيم ويربطون انهيار قوة الجيش والشرطة إلى مشاركة مسلحي القبائل وعسكريين سابقين من أنصار الرئيس السابق صدام حسين.
إعلان الخلافة
في أواخر يونيو 2014، أعلن التنظيم قيام ما وصفها "بالخلافة الإسلامية" وتنصيب أبو بكر البغدادي "إماما وخليفة للمسلمين في كل مكان، ودعا الفصائل الجهادية في مختلف أنحاء العالم لمبايعته.
كما أعلن التنظيم حينها أنه تم إلغاء الاسم القديم ليقتصر على الدولة الإسلامية وهو قرار اتخذه أهل الحل والأعيان والقادة، بحسب المتحدث باسم التنظيم أبو محمد العدناني.
وبعد ذلك أعلن أبو بكر البغدادي الذي نصبه التنظيم "خليفة للمسلمين" من سماهم المجاهدين إلى الهجرة إلى "دولة الخلافة".
وحدات حماية الشعب
وحدات حماية الشعب، هي مليشيا كردية سورية منتشرة في مناطق الأكراد بسوريا، وتحديدا في شمال وشمال شرق البلاد، وينظر إليها على أنها الفرع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وموالية لـحزب العمال الكردستاني، وتقاتل حاليا في عين العرب (كوباني) ضد قوات تنظيم الدولة الإسلامية.
ويرجّح المحلل في مؤسسة "جيمستاون الأميركية" فلاديمير فان فيلغينبورغ أن يكون عام 2004 هو تاريخ تأسيس وحدات حماية الشعب بعد المظاهرات الكردية المعارضة للحكومة السورية التي اندلعت في ذلك العام، إلا أنه لم يتم الإعلان عنها حتى يوليو/تموز 2012 حين جرى كشف شعارها علنا، بعد أكثر من سنة على بدء الثورة السورية.
وتزامن هذه الإعلان مع انسحاب القوات الحكومية السورية من الجزء الأكبر من المناطق الكردية، وتحول وحدات حماية الشعب -بحكم الأمر الواقع- إلى جيش هذه المناطق في محافظات الحسكة (شمال شرق) والرقة وحلب (شمال). ويسيّر مقاتلو "وحدات حماية الشعب" دوريات على حدود المناطق الكردية ويشرفون على العديد من حواجز التفتيش، وقد أدوا دورا رئيسيا في القتال ضد تنظيم الدولة.
"يقول خبراء وحكومات إقليمية إن حزب الاتحاد الديمقراطي ومجموعة "وحدات حماية الشعب" يرتبطان بحزب العمال الكردستاني، لكن حزب الاتحاد وجناحه العسكري ينفيان ذلك"
مصدر الدعم
يقول خبراء وحكومات إقليمية بينها الحكومة التركية، إن حزب الاتحاد الديمقراطي ومجموعة "وحدات حماية الشعب" يرتبطان بحزب العمال الكردستاني الذي يخوض نزاعا داميا منذ عقود في تركيا بهدف الحصول على الحكم الذاتي، لكن حزب الاتحاد وجناحه العسكري ينفيان وجود أي ارتباط مباشرة مع حزب العمال الكردستاني الذي يصنف في تركيا ومعظم الدول الغربية على أنه "تنظيم إرهابي".
وعلى الرغم من هذا النفي، يقر حزب الاتحاد وجناحه العسكري بوجود تقارب عقائدي مع حزب العمال الذي يحظى زعيمه المسجون في تركيا عبد الله أوجلان بشعبية كبيرة في المناطق الكردية السورية.
وتقول الخبيرة في الشؤون العراقية والكردية في مجموعة الأزمات الدولية، ماريا فنتاباي، إن معظم قادة وحدات حماية الشعب -ورغم أنهم يحملون الجنسية السورية- تدربوا في مخيمات حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل شمال العراق. فيما يذهب فان ويلغينبورغ أبعد من ذلك، معتبرا أن هذه الجماعة الكردية تمثل الجناح المسلح لحزب العمال الكردستاني في سوريا.
وتتعامل تركيا أيضا مع "وحدات حماية الشعب" على أنها فرع من فروع حزب العمال الكردستاني، وترى في محاولات الأكراد فرض حكم ذاتي في المناطق الكردية في سوريا "خطوات خطيرة".
"خاض المقاتلون الأكراد معارك ضد النظام إلى جانب المعارضين في أماكن محددة، لكن المعارضين ينظرون بشكل عام إلى الأكراد بريبة"
ارتباطاتها
قاد انسحاب القوات السورية من المناطق الكردية في سوريا منتصف عام 2012 إلى اتهام حزب الاتحاد الديمقراطي و"وحدات حماية الشعب" بالتعاون مع نظام الرئيس بشار الأسد، مما أدى إلى سيطرة التوتر على العلاقات بين المقاتلين الأكراد والمعارضة السورية، خصوصا بعد رفض هؤلاء المسلحين السماح للمعارضين للنظام بمحاربته من المناطق الكردية.
غير أن خبراء يرون أن العلاقة مع النظام لم تصل إلى مستوى التحالف، بل تعكس تفاهما إستراتيجيا أو مجرد التقاء مصالح أبعد القوات الحكومية عن فتح جبهة جديدة وسمح للأكراد بالتركيز على مسألة تحقيق حكم ذاتي.
وخاض المقاتلون الأكراد معارك ضد النظام إلى جانب المعارضين في أماكن محددة، لكن المعارضين ينظرون بشكل عام إلى الأكراد بريبة، ويتهمونهم بوضع رهانهم على السعي لتحقيق حكم ذاتي فوق مسألة العمل على الإطاحة بالنظام.
التمويل
ذكرت "مجموعة الأزمات الدولية" في بداية العام أن "وحدات حماية الشعب" تدفع رواتب شهرية تبلغ نحو 150 دولارا لما بين 25 و30 ألف مقاتل، لكن خبراء آخرين يقرون بعدم وجود إحصاءات رسمية لأعداد هؤلاء المقاتلين.
وأوضح تقرير لمجموعة الأزمات الدولية أن المقاتلين يتلقون ثلاثة أشهر من التدريبات في واحد من تسع أكاديميات عسكرية تتوزع على المناطق الكردية الثلاث في سوريا.
ويقاتل في هذه الجماعة الرجال والنساء. ورغم أن الوحدات تضم بشكل رئيسي عناصر مدربة، فإنها استقطبت أيضا عائلات بأكملها يقاتل أفرادها جنبا إلى جنب في مدينة عين العرب.
ويقول فان ويلغينبورغ إن وزراء الدفاع في المناطق الكردية السورية الثلاث، عين العرب والجزيرة (الحسكة) وعفرين في حلب، يقودون قوات "وحدات حماية الشعب" من مناطقهم.
نطاق القوة
وتقول عناصر من وحدات حماية الشعب في مدينة عين العرب إنهم يملكون أسلحة خفيفة فقط، ويقاتلون بشراسة في مواجهة الأسلحة الثقيلة التي يستخدمها تنظيم الدولة وبعض مصادرها القواعد العسكرية التي اقتحمها في العراق وسوريا. ويعتقد أن وحدات حماية الشعب تمتلك بعض الأسلحة الثقيلة والدبابات التي غنمتها من مجموعات مسلحة أخرى أو من قوات النظام في سوريا.
أما بالنسبة إلى مصادر التمويل، فيؤكد خبراء أن المجموعة تعتمد على الضرائب التي تجبيها في المناطق الكردية وعلى دعم حزب العمال الكردستاني الذي يحظى بمساندة شبكة من الممولين في أوروبا وتركيا والجالية الكردية في مناطق أخرى من العالم.
مقسمة بين طرفي النزاع
بعد شهرين ونصف الشهر من المعارك الدائرة في مدينة عين العرب (كوباني) بين وحدات حماية الشعب الكردية بمساندة قوات البشمركه من جهة، وتنظيم الدولة الإسلامية من جهة ثانية، لا تزال المدينة منقسمة السيطرة بين الطرفين.
وبحسب القيادات الكردية تخضع نصف المدينة لسيطرتهم، بدءا من سوق الهال، وجامع حاج شكري وصولا إلى تخوم حي الصناعة شرقا، والجهة الشمالية تخضع كاملة لهم، ثانوية عين العرب، ومدرسة الوحدة والجامع الكبير.
وفي الجهة الجنوبية، وصلت القوات الكردية إلى دوار البلدية، وتدور اشتباكات عنيفة للسيطرة على الأخيرة، كما لا تزال ساحة الحرية منقسمة السيطرة، وتدور اشتباكات عند طريق حلب الدولي وكازية حاج شكري. أما غربا، فلم يحقق تنظيم الدولة أي تقدم يذكر، وتبعد سيطرته عن تلك المناطق نحو سبعة كيلومترات.
ولا يزال القسم الأقصى من الجهة الجنوبية الشرقية يخضع لسيطرة التنظيم، بدءا من تلة مشته نور الإستراتيجية ومبنى البلدية إضافة إلى مبنى إدارة كانتون المقاطعة وانتهاء بالمركز الثقافي، ويطلق عليه المربع الأمني.
مسار المواجهة
ويقول وزير الدفاع في عين العرب عصمت شيخ حسن "انتقلنا من حالة الدفاع إلى موقع الهجوم، وكل نقطة أو مبنى أو شارع يتم استرجاعه لا ننسحب منه".
وأضاف محاولة التنظيم نقل الحرب إلى البوابة الحدودية وتسللهم من الأراضي التركية كانت فاشلة، وقد فجروا سيارة مفخخة، إلا أن قواتنا أحبطت العملية وأعادت سيطرتها على كامل البوابة الحدودية، والقسم الأكبر من الجهة الشرقية".
وتابع شيخ حسن "تشكيلات الجيش الحر كانت تحارب معنا منذ نهاية العام الجاري ولواء ثوار الرقة، وكتائب شمس الشمال، وتشكيلات أخرى لهم شهداء في المدينة، وشكلنا غرفة عمليات مشتركة تحت اسم بركان الفرات هي نواة لجيش وطني يعكس سوريا الجديدة".
وأضاف بعد أن قررت فصائل من الجيش الحر الانسحاب من مدينة منبج بريف حلب، قررت بعض التشكيلات الاتجاه إلى مدينة عين العرب.
وقال أبو ليلى -القائد العسكري لكتائب "شمس الشمال" التابعة لألوية فجر الحرية بريف حلب- إن "الجبهة الشرقية ساخنة لأن خط إمدادها مفتوح مباشرة مع تل أبيض ومربوط بمدينة الرقة معقل التنظيم".
وأوضح أن تنظيم الدولة "يحاول التقدم على الجبهة الشرقية للسيطرة على البوابة الحدودية مع الجانب التركي. ويستخدم أسلحة متطورة منها دبابات، وعربات همر، وقذائف جهنم التي يصنعونها يدويا، وهي عبارة عن جرة غاز محشوة بالمتفجرات، وصواريخ غراد، ومدفع 120".
وعن سلاح القوات المدافعة عن مدينة عين العرب قال "هي أسلحة خفيفة مقارنة مع سلاح التنظيم، وأثقل سلاح لدينا هو رشاش أو دوشكا وقذائف آر بي جي".
أما اللواء عبد القهار مجيد حاجي -قائد قوة البشمركة- فاعتبر أن عين العرب لا تقل أهمية عن مدينة أربيل عاصمة كردستان العراق، وذكر أن غرفة عمليات القوات المدافعة عن عين العرب، تنسق مع غرفة العمليات المشتركة لقوات التحالف الدولي في أربيل.
وقال "ننسق بشكل مباشر مع غرفة العمليات ونزود التحالف الدولي بإحداثيات المعركة ونقاط تمركز جهاديي التنظيم".